للعمرة، والثَّاني: لفريضة الحجِّ، والأصل: لقَرينتُه؛ أي (١): لَقرينةُ الحجِّ، لكن (٢) قُصِد التَّشاكل فأُخرِج على هذا الوجه بالتَّأويل، فوجوب العمرة من عطفها على الحجِّ الواجب، وأيضًا إذا كان الإتمام واجبًا كان الابتداء واجبًا، وأيضًا معنى ﴿وَأَتِمُّواْ﴾: أقيموا، وقال الشَّافعيُّ فيما قرأته في «المعرفة» للبيهقيِّ: والذي هو أشبهُ بظاهر القرآن وأَوْلى بأهل العلم عندي، وأسأل الله التَّوفيق أن تكون العمرةُ واجبةً بأنَّ الله تعالى قرنها مع الحجِّ (٣)، فقال تعالى:(﴿وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾) وأنَّ رسول الله ﷺ اعتمر قبل أن يحجَّ، وأنَّ رسول الله ﷺ سنَّ إحرامها والخروج منها بطوافٍ وسعيٍ وحِلَاقٍ (٤) وميقاتٍ، وفي الحجِّ زيادةُ عملٍ على العمرة، وظاهر القرآن أولى إذا لم تكن دلالةٌ. انتهى. وقول التِّرمذيِّ عن الشَّافعيِّ أنَّه قال: العمرة سنَّةٌ، لا نعلم أحدًا رخَّص في تركها، وليس فيها شيءٌ ثابتٌ بأنَّها تطوُّعٌ، لا يريد به أنَّها ليست واجبةً؛ بدليل قوله: لا نعلم أحدًا رخَّص في تركها لأنَّ السُّنَّة التي يُراد بها خلاف الواجب يُرخَّص في تركها قطعًا، والسُّنَّة تُطلَق ويُراد بها: الطَّريقة، قاله الزَّين العراقيُّ. ومذهب الحنابلة: الوجوب كالحجِّ، ذكره الأصحاب، قال الزَّركشيُّ منهم: جزم به جمهور الأصحاب، وعنه: أنَّها سنَّةٌ، والمشهور عن المالكيَّة: أنَّ العمرة تطوُّعٌ، وهو قول الحنفيَّة. لنا: ما سبق، وحديث زيد ابن ثابتٍ عند الحاكم والدَّارقطنيِّ قال: قال رسول الله ﷺ: «الحجُّ والعمرة فريضتان»، لكن قال الحاكم: الصَّحيح عن زيد بن ثابتٍ من قوله. انتهى. وفيه: إسماعيل بن مسلمٍ ضعَّفوه، وأخرج الدَّارقطنيُّ عن عمر بن الخطَّاب ﵁: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله ما الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله، وأن تقيم الصَّلاة، وتؤتي الزَّكاة، وأن تحجَّ وتعتمر، قال الدَّارقطنيُّ: إسناده صحيحٌ، وحديثٌ (٥) عن
(١) «لقرينته؛ أي:»: ليس في (د). (٢) في (د) و (م): «لكنَّه». (٣) في (د): «بالحجِّ». (٤) في (د): «وحلقٍ». (٥) «حديثٌ»: مثبتٌ من (م).