عياضٌ: وإنَّما فعل ذلك لينبِّه على أنَّه يُغتفَر الفصل اليسير بينهما، والواو في قوله:«والعشاء» للحال (ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ حِينَ طَلَعَ (١) الفَجْرُ، قَائِلٌ) كذا في فرع «اليونينيَّة»: «قائلٌ» بغير واوٍ، وفي غيره:«وقائلٌ» بإثباتها (يَقُولُ: طَلَعَ الفَجْرُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: لَمْ يَطْلُعِ الفَجْرُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا) غُيِّرتا (عَنْ وَقْتِهِمَا) المعتاد (فِي هَذَا المَكَانِ) المزدلفة، قال البُلقِينيُّ -فيما نقله عنه صاحب «اللَّامع» -: لعلَّ هذا مُدرَجٌ من كلام ابن مسعودٍ، ففي «باب من أذَّن وأقام»[خ¦١٦٧٥]: قال عبد الله: هما صلاتان مُحوَّلتان، قال: وحكى البيهقيُّ عن أحمد تردُّدًا (٢) في: أنَّه مرفوعٌ أو مُدرَجٌ، ثمَّ جزم البيهقيُّ بأنَّه مُدرَجٌ، وأجاب البرماويُّ بأنَّه لا تنافيَ بين الأمرين، فمرَّةً رُفِع، ومرَّةً وُقِف (المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ) بالنَّصب فيهما، قال الزَّركشيُّ: بدلٌ من اسم «إنَّ»، وكذا:«صلاةَ الفجر»، وتعقَّبه الدَّمامينيُّ بأنَّ المُبدَل منه مُثنَّى، فلا يُبدَل منه بدل كلٍّ إلَّا ما يصدق عليه المُثنَّى، وهو اثنان، فحينئذٍ: المغرب وصلاة الفجر. مجموعهما هو البدل، ويحتمل أن يكون نصبهما بفعلٍ محذوفٍ، أي: أعني المغربَ وصلاة الفجر. انتهى. ويجوز الرَّفع فيهما على أنَّ المغرب خبر مبتدأٍ محذوفٍ، تقديره: إحدى الصَّلاتين المغرب، وسقط في رواية ابن عساكر «والعشاء».
(فَلَا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا) أي: المزدلفة، بفتح دال «يقدَم» بعد سكون قافها (حَتَّى يُعْتِمُوا) بضمِّ أوَّله وكسر ثالثه مِنَ الإعتام، أي: يدخلوا في العتمة وهو وقت العشاء الأخيرة (٣)(وَصَلَاةَ الفَجْرِ) بالنَّصب، ولأبي ذرٍّ:«صلاةُ» بالرفع كإعراب «المغرب» فيهما السَّابق (هَذِهِ السَّاعَةَ) بالنَّصب، أي: بعد طلوع الفجر قبل ظهوره للعامة.
(ثُمَّ وَقَفَ) ابن مسعودٍ ﵁ بمزدلفة أو بالمشعر الحرام (حَتَّى أَسْفَرَ) أضاء الصُّبح وانتشر ضوؤه (ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ) عثمان ﵁(أَفَاضَ الآنَ) عند الإسفار قبل طلوع الشَّمس (أَصَابَ السُّنَّةَ) التي فعلها رسول الله ﷺ خلافًا لما كانت عليه الجاهليَّة من الإفاضة بعد طلوع الشَّمس كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الباب التَّالي [خ¦١٦٨٤].
(١) في (م): «طلوع». (٢) في (د): «متردِّدًا». (٣) في (ص) و (م): «الآخرة».