قال:(ذَكَرْتُ لِعُرْوَةَ) بن الزُّبير بن العوَّام ما قِيل في حكم القادم إلى مكَّة، ممَّا ذكره مسلمٌ من هذا الوجه، وحذفه المؤلِّف مقتصرًا على المرفوع منه، ومُحصَّل ذلك ومعناه: أنَّ رجلًا من أهل العراق قال لأبي الأسود: سل لي عروة بن الزُّبير عن رجلٍ يهلُّ بالحجِّ، فإذا طاف بالبيت أيحلُّ -أي: دون أن يطوف بين الصَّفا والمروة- أم لا؟ قال أبو الأسود: فسألته، فقال: لا يحلُّ مَنْ أهلَّ بالحجِّ إلَّا بالحجِّ، فتصدَّى -أي: فتعرَّض لي- الرَّجل فسألني، أي: عمَّا أجاب به عروة، فحدَّثته، فقال: قل له: فإنَّ رجلًا، أي: ابن عبَّاسٍ يخبر أنَّ رسول الله ﷺ فعل ذلك؛ يعني: أَمَرَ به؛ حيث قال لمن لم يسق الهدي من أصحابه: اجعلوها عمرةً.
وعند المؤلِّف في «حجَّة الوداع»[خ¦٤٣٩٦] من حديث ابن جريجٍ عن عطاءٍ عن ابن عبَّاسٍ قال: إذا طاف بالبيت فقد حلَّ، فقلت لعطاءٍ: من أين أخذ هذا (١) ابن عبَّاسٍ؟ قال: من قول الله تعالى (٢): ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٣] ومن أمرِ النَّبيُّ ﷺ أصحابَه أن يحلُّوا في حجَّة الوداع، قلت: إنَّما كان ذلك بعد المُعرَّف، قال: كان (٣) ابن عبَّاسٍ يراه قبلُ وبعدُ. انتهى. قال أبو الأسود: فجئته، أي: عروة، فذكرت له ذلك؛ يعني: ما قاله الرَّجل العراقيُّ من مذهب ابن عبَّاسٍ.
(قَالَ) أي: عروة: قد حجَّ رسول الله ﷺ(فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ ﵂: أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ (٤)ﷺ أَنَّهُ تَوَضَّأَ) في موضع رفع خبر «أنَّ» من قولها: «أنَّ أوَّل شيءٍ بدأ به»(ثُمَّ طَافَ) بالبيت ولم يحلَّ من حجِّه (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ) تلك الفعلة التي فعلها ﵊ حين قدم من الطَّواف وغيره (عُمْرَةً) فعُرِف من هذا أنَّ ما ذهب إليه ابن عبَّاسٍ مخالفٌ لفعله ﵊، وأنَّ أمره ﵊ أصحابه أن يفسخوا حجَّهم فيجعلوه عمرةً خاصٌّ بهم، وأنَّ من أهلَّ بالحجِّ
(١) «هذا»: ليس في (د). (٢) في (د): «قوله تعالى». (٣) في غير (د): «فإنَّ»، والمثبت موافقٌ لما في «صحيح البخاريِّ». (٤) في (د): «رسول الله».