قالت عائشة:(قُلْتُ) أي: لرسول الله ﷺ: (فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي البَيْتِ؟ قَالَ: إِنَّ قَوْمَكِ) قريشًا (قَصَّرَتْ) بتشديد الصَّاد المفتوحة، ولأبي ذرٍّ:«قَصُرت» بتخفيفها مضمومةً (بِهِمُ النَّفَقَةُ) أي: لم يتَّسعوا لإتمامه لقلَّة ذات يدهم، وقال في «فتح الباري»: أي: النَّفقة الطَّيِّبة التي أخرجوها لذلك كما جزم به الأزرقيُّ، ويوضِّحه ما ذكره ابن إسحاق في «السِّيرة»: أنَّ أبا وهب بن عائذ (١) بن عمران بن مخزومٍ قال لقريشٍ: لا تُدخِلوا فيه من كسبكم إلَّا طيِّبًا، ولا تُدخِلوا فيه مهرَ بَغِيٍّ ولا بيعَ رِبًا ولا مظلمة أحدٍ من النَّاس. انتهى.
قالت عائشة:(قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ)﵊: (فَعَلَ ذَلِكِ قَوْمُكِ) بكسر الكاف فيهما لأنَّ الخطاب لعائشة (لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاؤُوْا) ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: «يدخلوها» بغير لامٍ وزيادة الضَّمير (وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاؤُوْا) زاد مسلمٌ: «فكان الرَّجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي حتَّى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط»(وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ) بالتَّنوين (عَهْدُهُمْ بِالجَاهِلِيَّةِ) برفع «عهدُهم» على الفاعليَّة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهنيِّ:«بجاهليَّةٍ» مُنكَّرًا، وسبق في «العلم» من طريق الأسود: «حديثٌ عهدُهم (٢) بكفرٍ» [خ¦١٢٦] ولأبي عَوانة من طريق عبادة (٣) عن عروة عن عائشة: «حديث عهد بشركٍ»(فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الجَدْرَ) أي: أخاف إنكار قلوبهم إدخال الجدر (فِي البَيْتِ) وجواب «لولا» محذوفٌ، أي: لفعلت ذلك، وقد رواه مسلمٌ عن سعيد بن منصورٍ عن أبي الأحوص بلفظ:«أن تنكر قلوبهم لنظرت أن أدخل»، فأثبت جواب «لولا»، وللإسماعيليِّ من طريق شيبان عن أشعث، ولفظه:«لنظرت فأدخلت»(وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ) فلا يكون مرتفعًا، ونقل ابن بطَّالٍ عن علمائهم: أنَّ النَّفرة التي خشيها ﵊ أن ينسبوه إلى الانفراد بالفخر دونهم.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا مسلمٌ وابن ماجه في «الحجِّ».
(١) في (د): «عابد»، وهو تصحيفٌ. (٢) في النُّسخ جميعها: «عهد»، والمثبت من «كتاب العلم». (٣) في كل الأصول: «عبادة». والذي في «الفتح»: «قتادة».