عَائِشَةَ ﵂: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَامَ الفَتْحِ مِنْ) ثنيَّة (كَدَاءٍ) بالفتح والمدِّ والتَّنوين (وَخَرَجَ مِنْ) ثنيَّة (كُدًا) بالضَّمِّ مقصورًا مُنوَّنًا على المشهور فيهما خلافًا لما وقع للرَّافعيِّ في «شرح الوجيز»: أنَّ الذي يشعر به كلام الأكثرين أنَّ الثَّاني بالمدِّ أيضًا، قال: ويدلُّ عليه أنَّهم كتبوها بالألف، وردَّه النَّوويُّ بأنَّ كتابتها بالألف لا تدلُّ على المدِّ، وضبط الحافظ الدِّمياطيُّ الأولى: بضمِّ الكاف مع القصر غير مُنوَّنٍ، والثَّانية: بفتح الكاف والتَّنوين مع المدِّ، وقال: هكذا هو مضبوطٌ؛ يعني: في هذا الموضع، فأشعر أنَّ المُعتمَد خلاف ما وقع، ويؤيِّده قول النَّوويِّ: إنَّه غلطٌ، قال: وأمَّا كُديٌّ -بضمِّ الكاف وتشديد الياء- فهي في طريق الخارج إلى اليمن، وليست من هذين (١) الطَّريقين في شيءٍ. انتهى. وفي «القاموس»: والكِدَاء كـ «كِساءٍ»: المنعُ والقطعُ، وكـ «سماءٍ»: اسم عرفاتٍ، أو جبلٌ بأعلى مكَّة، ودخل النَّبيُّ ﷺ مكَّة منه، وكـ «سُمَيٍّ»: جبلٌ أسفلها، وخرج منه ﵊، أو جبلٌ (٢) آخر قرب عرفة، وكـ «قُرًى»: جبلٌ مَسْفَلَةَ مكَّة على طريق اليمن، و «كَدًى» مقصورةٌ (٣) كـ «فتًى»: ثنيَّةُ الطَّائف، وغلط المتأخِّرون في هذا التَّفصيل، واختلفوا فيه على أكثر من ثلاثين قولًا (مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ) استُشكِل هذا من جهة أنَّ مفهومه أنَّه ﵊ خرج من أعلى مكَّة، والأحاديث السَّابقة أنَّه خرج من أسفلها، وأجاب الكِرمانيُّ فقال: لعلَّ الدُّخول والخروج في عام الفتح كان كلاهما من أعلاها، فأمَّا في الحجِّ فكان الخروج من أسفلها، هذا إذا كان «كَدًا» أوَّلًا وثانيًا (٤) بفتح الكاف، وأمَّا إن كان الثَّاني -بضمِّها- فوجهه أن يُقال: إنَّ «من أعلى مكَّة» متعلِّقٌ بـ «دخل»، ولفظ:«وخرج من كُدًا» حالٌ مُقدَّرٌة بينهما، فلا يحتاج إلى التَّخصيص بغير عام الفتح. انتهى. والذي في الأصول المعتمدة ضبط الأوَّل: بالفتح، والثَّاني: بالضَّمِّ، ولا أعلم أنَّهما رُوِيا بالفتح، والتَّوجيه الثَّاني الذي ذكره لا يخفى ما فيه من التَّكلُّف، والذي يظهر ما قاله الحافظ أبو الفضل بن حجرٍ ﵀: إنَّه رُوِيَ كذا مقلوبًا في رواية أبي أسامة، وإنَّ الصَّواب ما رواه غيره [خ¦١٥٨٠]: «دخل من كَدَاءٍ من أعلى مكَّة» وإنَّ الوهم فيه ممَّن دون أبي أسامة لأنَّ أحمد رواه عن أبي أسامة على الصَّواب،
(١) في غير (ب) و (س): «هذه». (٢) قوله: «بأعلى مكَّة، ودخل النَّبيُّ ﷺ مكَّة منه … الصَّلاة والسَّلام، أو جبلٌ»، ليس في (ص). (٣) في (ص) و (م): «منقوصةٌ». (٤) «وثانيًا»: مثبتٌ من (د).