(فَخَرَجَ)ﷺ من قبَّته التي ضُرِبت له (إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ) لهم: (مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا) أي: حجَّته (عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ) أي: العمرةَ (وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الهَدْيُ فَلَا) يفعل، أي: لا يجعلها عمرةً، فحذف الفعل المجزوم بـ «لا» النَّاهية، ولـ «مسلمٍ»: قالت: قدم رسول الله ﷺ لأربعٍ مضين من ذي الحجَّة أو خمسٍ، فدخل عليَّ وهو غضبان، فقلت: من أغضبك؟ أدخله الله النَّار، قال:«أو ما شَعَُرتِ أنِّي أمرتُ النَّاس بأمرٍ، فإذا هم يتردَّدون».
وفي حديث جابرٍ عند البخاريِّ: فقال لهم: «أَحِلُّوا من إحرامكم، واجعلوا التي قَدِمْتُم بها متعةً» فقالوا: كيف نجعلها متعةً، وقد سمَّينا الحجَّ؟ فقال: «افعلوا ما أقول لكم، فلولا أنِّي سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتُكم، ولكن لا يحلُّ منِّي حرامٌ (١) حتَّى يبلغ الهدي مَحِلَّه» ففعلوا [خ¦١٥٦٨]، قال النَّوويُّ: هذا صريحٌ في أنَّه ﵊ أمرهم بفسخ الحجِّ إلى العمرة أمر عزيمةٍ وتحتيمٍ بخلاف قوله: «من لم يكن معه هديٌ، فأحبَّ أن يجعلها عمرةً فليفعل» قال العلماء: خيَّرهم أوَّلًا بين الفسخ وعدمه ملاطفةً وإيناسًا لهم (٢) بالعمرة في أشهر الحجِّ لأنَّهم كانوا يرونها من أفجر الفجور، ثمَّ حتَّم عليهم بعد ذلك الفسخَ، وأمرهم أمر عزيمةٍ وألزمهم إيَّاه، وكره تردُّدهم في قبول ذلك، ثمَّ قبلوه وفعلوه إلَّا من كان معه هديٌ.
(١) في (د): «من أحرم»، والمثبت موافقٌ لما في «صحيح البخاريِّ». (٢) في غير (د): «لهم وإيناسًا». (٣) في (ص): «فلا يقعدوا»، وهو تحريفٌ. (٤) في (ص): «بخطِّه». (٥) «كأصله»: ليس في (م). (٦) في (م): «قبله».