فحاضت قبل أن تطوف تترك العمرة وتهلُّ بالحجِّ مُفرِدةً (١)؛ كما صنعت عائشة ﵂، لكن قال في «الفتح»: إنَّ (٢) في رواية عطاءٍ عنها ضعفًا، والرَّافع للإشكال في ذلك ما رواه مسلمٌ من حديث جابرٍ: أنَّ عائشة أهلَّت بعمرةٍ حتَّى إذا كانت بسَرِف حاضت، فقال لها رسول الله ﷺ:«أهلِّي بالحجِّ» حتَّى إذا طهرت طافت بالكعبة وسَعَتْ، فقال:«قد حللت من حجِّك وعمرتك» فقالت (٣): يا رسول الله، إنِّي أجد في نفسي أنِّي لم أَطُفْ بالبيت حتَّى حججت، قال:«فأَعْمِرْها من التَّنعيم»، قالت عائشة ﵂:(فَفَعَلْتُ) بسكون اللَّام، ما ذَكَرَ من النَّقض والامتشاط والإهلال بالحجِّ، وترك عمل العمرة، وهذا موضع التَّرجمة.
(فَلَمَّا قَضَيْنَا الحَجَّ) أي: وطهرتُ يوم النَّحر (أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ ﷺ مَعَ) أخي (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق ﵁(إِلَى التَّنْعِيمِ) المشهور بمسجد عائشة (فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ)﵊: (هَذِهِ) العمرة (مَكَانَُ عُمْرَتِكِ) برفع «مكانُ» خبرًا لقوله: «هذه»، أو بالنَّصب -وهو الذي في «اليونينيَّة» لا غير (٤) - على الظَّرفيَّة، وعامله المحذوف هو الخبر، أي: كائنةٌ أو مجعولةٌ مكان عمرتك، قال القاضي عياضٌ: والرَّفع أوجه عندي إذ لم يرد به الظَّرف، إنَّما أراد عوض عمرتك، فمن قال: كانت قارنةً قال: مكان عمرتك التي أردت أن تأتي بها مفردةً، وحينئذٍ فتكون عمرتها من التَّنعيم تطوُّعًا لا عن فرضٍ، لكنَّه أراد تطييب نفسها بذلك، ومن قال: كانت مفردةً قال: مكان عمرتك التي فسخت الحجَّ إليها، ولم تتمكَّني من الإتيان بها للحيض. وقال السُّهيليُّ: الوجه النَّصب على الظَّرف لأنَّ العمرة ليست بمكانٍ لعمرةٍ أخرى، لكن إن جعلتَ «مكان» بمعنى «عوض» أو «بدل» مجازًا -أي: هذه بدل عمرتك- جاز الرَّفع حينئذٍ.
(قَالَتْ) عائشة ﵂: (فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالبَيْتِ و) سعوا أو (٥) طافوا (بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ) لأجل العمرة (ثُمَّ حَلُّوا) منها بالحلق أو التَّقصير (ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا)
(١) في (د): «مفردًا». (٢) «إنَّ»: ليس في (د). (٣) في غير (د): «قالت»، والمثبت موافق لما في «صحيح مسلم». (٤) «وهو الذي في «اليونينيَّة» لا غير»: ليس في (م). (٥) في (د) و (م): «وطافوا».