والطَّبريُّ من طريق سعيدٍ، كلاهما عن قتادة قال: أرسل عبد الله بن أُبَيٍّ إلى النَّبيِّ ﷺ، فلمَّا دخل عليه (١)، قال: أهلكك حبُّ يهود؟ قال: يا رسول الله، إنَّما أرسلتُ إليك لتستغفر لي، ولم أرسل إليك لتوبِّخني، ثمَّ سأله أن يُعطيه قميصه يُكَفَّن فيه، قال في «الفتح»: وهذا مرسلٌ مع ثقة رجاله، ويعضده ما أخرجه الطَّبرانيُّ من طريق الحكَم بن أبَان، عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ (٢): لمَّا مرض عبد الله بن أُبَيٍّ، جاءه النَّبيُّ ﷺ، فقال: امنن عليَّ، فكفِّنِّي في قميصك وصلِّ عليَّ، قال الحافظ ابن حَجَرٍ: وكأنَّه أراد بذلك دفع (٣) العار عن ولده وعشيرته بعد موته (٤)، فأظهر الرَّغبة في صلاة النَّبيِّ ﷺ عليه (٥)، وقد (٦) وقعت إجابته إلى سؤاله على حسب ما أظهر (٧) من حاله، إلى أن كشف الله الغطاء عن ذلك؛ لِمَا (٨) سيأتي إن شاء الله تعالى، قال: وهذا من أحسن الأجوبة، فيما يتعلَّق بهذه القصَّة (فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ ﷺ قَمِيصَهُ) أي: أعطى النَّبيُّ ﷺ قميصه لولده إكرامًا للولد، أو مكافأةً لأبيه عبد الله بن أُبيٍّ؛ لأنَّه لمَّا أُسِرَ العبَّاس ببدرٍ، ولم يجدوا له قميصًا يصلح له -وكان رجلًا طويلًا- فألبسه قميصه، فكافأه ﷺ بذلك كي لا (٩) يكون لمنافقٍ عليه يدٌ لم يكافئه عليها، أو لأنَّه ما سُئل شيئًا قطُّ فقال: لا، أو إن ذلك كان قبل نزول قوله تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا﴾ [التوبة: ٨٤] وأمَّا قول المهلَّب: رجاء أن يكون معتقدًا لبعض ما كان يُظهر من الإسلام، فينفعه الله بذلك، فتعقَّبه ابن المنيِّر فقال: هذه هفوةٌ ظاهرةٌ، وذلك أنَّ الإسلام لا يتبعَّض، والعقيدة شيءٌ واحدٌ؛ لأنَّ بعض معلوماتها شرطٌ في البعض، والإخلال ببعضها إخلالٌ بجملتها، وقد أنكر الله تعالى على من آمن
(١) «عليه»: ليس في (د). (٢) زيد في (د): «قال». (٣) في (ب): «رفع». (٤) «بعد موته»: سقط من (د). (٥) «عليه»: ليس في (د). (٦) «قد»: ليست في (د) و (م). (٧) في (د): «ظَهَرَ»، كذا في «الفتح». (٨) في (د) و (س): «بما». (٩) في (د): «لئلَّا».