فقام ﵊ يجرُّ رداءه، حتَّى صعد المنبر، فقال:«اللَّهم اسقنا … » الحديثَ، وفيه: ثمَّ قال ﵊: «لو كان أبو طالبٍ حيًّا لقرَّت عيناه (١)، مَن يُنْشِدنا قوله؟» فقام عليٌّ فقال: يا رسول الله، كأنَّك أردت قوله: وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ … ثِمَالَُِ اليَتَامَى عِصْمَةًٌٍ لِلأَرَامِلِ
واقتصر ابن عساكر في روايته على قوله:«وأبيض يستسقى الغمام بوجهه»، وأسقط باقيه اكتفاءً بالسَّابق، وقدَّم قوله:«وهو قول أبي طالبٍ» على قوله: «وأبيض»، بعد قوله:«كلُّ ميزابٍ»، وسقط قوله:«وهو» عند أبوي ذَرٍّ والوقت، وهذا البيت من قصيدةٍ جليلةٍ بليغةٍ من بحر الطَّويل، وعدَّة أبياتها مئةُ بيتٍ وعشرة أبياتٍ، قالها لمَّا تمالأ قريشٌ على النَّبيِّ ﷺ، ونفروا عنه من يريد الإسلام، فإن قلت: كيف قال أبو طالب: يستسقى الغمام بوجهه؟ ولم يره قطُّ استسقى، وإنَّما كان بعد الهجرة؟ فالجواب أنَّه أشار إلى ما أخرج (٢) ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكَّة وهم في قحطٍ فقالت قريشٌ: يا أبا طالب، أقحط الوادي، وأجدب العيال، فَهلُمَّ فاستسقِ (٣)، فخرج أبو طالبٍ معه غلامٌ، يعني: النَّبيَّ ﷺ، كأنَّه شمسُ
(١) في (ب): «عينه». (٢) في (ب) و (د) و (س): «أخرجه». (٣) في (م): «فاستقِ».