أنَّه قطع الصَّلاة من أصلها، ثمَّ استأنفها، فيدلُّ على جواز قطع الصَّلاة وإبطالها لعذرٍ، وقال الحنفيَّة والمالكيَّة في المشهور عندهم: لا يجوز ذلك لأنَّ فيه إبطال عملٍ (فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ) بسوءٍ، فقال -كما لابن حبَّان والمصنِّف في «الأدب»[خ¦٦١٠٦]-: «إنَّه منافقٌ» وقوله: «فكأنَّ» بهمزةٍ ونونٍ مُشدَّدةٍ، و «تناول» بمُثنَّاةٍ فوقيَّةٍ آخره لامٌ قبلها واوٌ، وللأربعة:«فكان معاذٌ ينال منه» بإسقاط همزة «كأنَّ» وتخفيف النُّون، و «ينال»؛ بمُثنَّاةٍ تحتيَّةٍ وإسقاط الواو، وهذه تدلُّ على كثرة ذلك منه بخلاف تلك (فَبَلَغَ) ذلك (النَّبِيَّ ﷺ) وللنَّسائيِّ: «فقال معاذٌ: لئن أصبحتُ لأذكرنَّ ذلك للنَّبيِّ ﷺ، فذكر ذلك له، فأرسل إليه فقال: ما الَّذي حملك على الَّذي صنعت؟ فقال: يا رسول الله عملت على ناضِحٍ لي بالنَّهار، فجئت وقد أُقِيمت الصَّلاة، فدخلتُ المسجد فدخلتُ معه في الصَّلاة، فقرأ سورة (١) كذا وكذا، فانصرفت فصلَّيت في ناحية المسجد» (فَقَالَ)﵊: أنت (فَتَّانٌ) أنت (فَتَّانٌ) أنت (فتان) قال ذلك (ثَلَاثَ مِرَارٍ) ولابن عساكر في نسخةٍ: «مرَّاتٍ» و «فتَّانٌ»؛ بالرَّفع في الثَّلاث: خبر مبتدأٍ محذوفٍ، أي: أنت منفِّرٌ عن الجَّماعة، صادٌّ عنها لأنَّ التَّطويل كان سببًا للخروج من الصَّلاة وترك الجماعة، وفي «الشُّعب» للبيهقيِّ بإسنادٍ صحيحٍ عن عمرٍو: «لا تبغِّضوا الله إلى عباده؛ يكون أحدكم إمامًا، فيطوِّل على القوم (٢) حتَّى يبغض إليهم ما هم فيه» ولابن عيينة: «أفتَّانٌ أنت» بهمزة الاستفهام الإنكاريِّ، والتَّكرار للتَّأكيد (أَوْ قَالَ: فَاتِنًا فَاتِنًا فَاتِنًا) بالنَّصب في الثَّلاث، خبر «تكون» المقدَّرة، أي: تكون فاتنًا، لكن في غير رواية الأربعة:«فاتنٌ» الأخيرة (٣) بالرَّفع؛ بتقدير: أنت، والشَّكُّ من الرَّاوي، وقال البرماويُّ كالكِرمانيِّ:«من جابرٍ»(وَأَمَرَهُ)﵊ أن يقرأ (بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ المُفَصَّلِ) يؤمُّ بهما قومه (قَالَ عَمْرٌو) هو ابن دينارٍ: (لَا أَحْفَظُهُمَا) أي:
(١) في غير (ب) و (س): «بسورة»، والمثبت موافقٌ لما في «النَّسائيِّ». (٢) زيد في (د): «الصَّلاة». (٣) في (ص) و (م): «الأخير».