ذلك فبالنَّظر إلى الحالة البشريَّة قال: ألهتني، وبالنَّظر إلى الحالة الثَّانية لم يجزم به (١) بل قال: أخاف، ولا يلزم من ذلك الوقوع، ونزع الخميصة ليُسْتَنَّ به في ترك كلِّ شاغلٍ، وليس المراد: أنَّ أبا جَهْمٍ يصلِّي في الخميصة لأنَّه ﵊ لم يكن ليبعث إلى غيره بما (٢) يكرهه لنفسه، فهو كإهداء الحُلَّة لعمر ﵁ مع تحريم لباسها عليه لينتفع بها ببيعٍ أو غيره.
واستُنبِط من الحديث: الحثُّ على حضور القلب في الصَّلاة، وترك ما يؤدِّي إلى شغله كزخرفة المساجد، وعند ابن ماجه من حديث عمر ﵁ مرفوعًا: «ما ساء عمل قوم إلَّا (٣) زخرفوا مساجدهم» (٤)، وقد شهد القرآن بالفَلَاح للمُصلِّين الخاشعين، والفلاح أجمعُ اسمٍ لسعادة الآخرة، وبانتفاء الخشوع ينتفي الفلاح، فالمصلِّي يناجي ربَّه، فعظِّم في نفسك قدر مناجاته، وانظر مَن تناجي؟ وكيف تناجي؟ وبماذا تناجي؟ فاعلم واعمل تَسْلَم.
ورواة هذا الحديث ما بين كوفيٍّ ومدنيِّين، وفيه: رواية تابعيٍّ عن تابعيٍّ عن صحابيَّةٍ، والتَّحديث والعنعنة.