كان عمرُ بن الخطَّاب الرَّابعَ من المستيقظين، وأيقظ النَّاسُ بعضُهم بعضًا (وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ) بضمِّ المُثنَّاة التَّحتيَّة وفتح القاف مبنيًّا للمفعول مع الإفراد، وللأربعة: «لم نوقِظه» بنون المتكلِّم وكسر القاف، والضَّمير المنصوب للنَّبيِّ ﷺ (حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ لأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ) بفتح المُثنَّاة وضمِّ الدَّال، من الحدوث (فِي نَوْمِهِ) أي: من الوحي، وكانوا يخافون انقطاعه بالإيقاظ (فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ) ﵁ (وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ) من نومهم عن صلاة الصُّبح حتَّى خرج وقتها، وهم على غير ماءٍ، وجواب «لمَّا» محذوفٌ تقديره: فلمَّا استيقظ كبَّر (وَكَانَ) أي: عمر (رَجُلًا جَلِيدًا) بفتح الجيم وكسر اللَّام، من الجلادة؛ وهي: الصَّلابة (فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بصَوْتِهِ) بالمُوحَّدة، أي: بسبب صوته، وللأربعة: «لصوته» باللَّام، أي: لأجل صوته (النَّبِيُّ ﷺ) وإنَّما استعمل التَّكبير لسلوك طريق الأدب، والجمع بين المصلحتين؛ إحداهما: الذكر، والأخرى: الإيقاظ (١)، وخصَّ التَّكبير لأنَّه الأصل في الدُّعاء إلى الصَّلاة، واستُشكِل هذا مع قوله ﵊: «إنَّ عينيَّ تنامان ولا ينام قلبي»، وأُجيبب أنَّ القلب إنَّما يدرك الحسيَّات المتعلِّقة به كالألم ونحوه، ولا يدرك ما يتعلَّق بالعين لأنَّها نائمةٌ والقلب يقظان (فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ) ﵊ (شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ) ممَّا ذكر (قَالَ) ولابن عساكر: «فقال» بالفاء؛ تأنيسًا لقلوبهم لما عرض لها من الأسف على خروج الصَّلاة عن وقتها: (لَا ضَيْرَ أَوْ لَا يَضِيرُ) أي: لا ضرر، يُقال: ضاره يضوره ويضيره، والشَّكُّ من عوفٍ، كما صرَّح به البيهقيُّ (ارْتَحِلُوا) بصيغة الأمر للجماعة المُخاطَبين مِنَ الصَّحابة (فَارْتَحَلَ) أي: النَّبيُّ ﷺ ومن معه، ولأبي ذَرٍّ وابن عساكر: «فارتحلوا» أي: عقب (٢) أمره ﵊ بذلك، وكان السَّبب في الارتحال من ذلك الموضع
(١) في غير (م): «الاستيقاظ».(٢) في (د): «عقيب».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute