(﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾) من الأنبياء ﵈(﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾) وحَّد ﴿أَشْرَكْتَ﴾ والموحَى إليهم جماعةٌ؛ لأنَّ المعنى أوحى إليك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك وإلى الذين من قبلك مثله، واللَّام الأولى موطِئةٌ للقَسَم المحذوف، والثَّانية لام الجواب، وهذا الجواب سادٌّ مسدَّ الجوابين، أعني: جوابَي القَسَم والشَّرط، وإنَّما صحَّ هذا الكلام مع علمه تعالى بأنَّ رسله لا يشركون به (١) لأنَّ الخطاب للنَّبيِّ ﷺ والمراد به غيره، أو لأنَّه على سبيل الفرض، والمحالات يصحُّ فرضها، والغرض تشديد الوعيد على من أشرك، وأنَّ للإنسان عملًا يُثاب عليه إذا سلم من الشِّرك، ويبطل ثوابه إذا أشرك (﴿بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ﴾) ردٌّ لما أَمروه به من عبادة آلهتهم (﴿وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ﴾ [الزمر: ٦٥ - ٦٦]) على ما أنعم به عليك، وسقط قوله «﴿وَلَتَكُونَنَّ﴾ … » إلى آخره لأبي ذرٍّ، وقال:«إلى قوله: ﴿بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ﴾».
(وَ) بابُ (مَا ذُكِرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ العِبَاد) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «أعمال العباد»(وَاَكْتِسَابِهِمْ (٤) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾) أي: أحدث كلَّ شيءٍ وحده (﴿فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: ٢]) فهيَّأهُ لما يصلح له بلا خللٍ فيه، وهو يدلُّ على أنَّه تعالى خلق الأعمال من وجهين أحدهما: أنَّ قوله: ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ يتناول جميع الأشياء، ومن جملتها أفعال العباد، وثانيها: أنَّه
(١) «به»: مثبتٌ من (د). (٢) في (د) و (ص): «ليقولون». (٣) «وفاءٍ بدل اللَّام»: سقط من (د). (٤) في (د): «وأكسابهم»، وكذا في «اليونينيَّة».