الإنسان كلامًا بأيِّ طريقٍ وصل، ولكن لا تحقِّقه بالمصدر، فإذا حُقِّق (١) بالمصدر لم يكن إلَّا حقيقة الكلام، وقال القرطبيُّ: ﴿تَكْلِيمًا﴾ مصدرٌ معناه التَّأكيد، وهذا يدلُّ على بطلان قول من يقول:
خلق الله (٢) لنفسه كلامًا في شجرةٍ (٣) يسمعه (٤) موسى، بل هو الكلام الحقيقيُّ الذي يكون به المتكلِّم متكلِّمًا، قال النَّحَّاس: وأجمع النَّحويُّون على أنَّك إذا أكَّدت الفعل بالمصادر لم يكن مجازًا، وأنَّه لا يجوز في قول الشَّاعر:
امتلأ الحوض وقال: قَطْني
أن يقول: وقال قولًا، وكذا لمَّا قال: ﴿تَكْلِيمًا﴾ وجب أن يكون كلامًا على الحقيقة. قال في «المصابيح» بعد أن ذكر نحو ما ذكرته: واعتُرِض هذا بقوله تعالى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا﴾ [النمل: ٥٠] وقوله تعالى: ﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق: ١٦] وقول الشَّاعر:
بكى الخَزُّ من رَوْحٍ وأنكر جلده … وعجَّت عجيجًا من جذامَ المطارفُ
(١) في (ب) و (س): «تحقَّق». (٢) اسم الجلالة: ليس في (ب). (٣) في (ص): «سحره». (٤) في (د): «ليسمعه».