بيانًا للضَّمير المبهم المحذوف نحو قوله تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [فصلت: ١٢](وَقَدْ نُهِيَ (١) عَنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ) تعالى (إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ) الموجودين بعد الطُّوفان (فَيَأْتُونَ نُوحًا) فيسألونه (فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ (٢) سُؤَالَهُ رَبَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ) يشير إلى قوله: ﴿رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ﴾ [هود: ٤٥](وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ)﵇(فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «كَذَبَاتٍ» بفتحاتٍ (كَذَبَهُنَّ) إحداها: قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] والأخرى: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٦٣] والثَّالثة: قوله لسارة [خ¦٢٢١٧]: «هي أختي» والحقُّ أنَّها معاريض (٣)، لكن لمَّا كانت صورتها صورة (٤) الكذب أشفق منها، ومن كان أعرف فهو أخوف (وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا آتَاهُ اللهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا) مناجيًا (قَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى)﵇(فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، قَتْلَهُ النَّفْسَ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى)﵇(عَبْدَ اللهِ وَرَسُولَهُ وَرُوحَ اللهِ وَكَلِمَتَهُ) التي ألقاها إلى مريم (قَالَ: فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا ﷺ عَبْدًا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ) وإنَّما لم يُلهَموا إتيان نبيِّنا ﷺ وسؤاله في الابتداء؛ إظهارًا لشرفه وفضله، فإنَّهم لو سألوه ابتداءً لاحتمل أنَّ غيره يقوم بذلك، ففي ذلك دلالةٌ على تفضيله على جميع المخلوقين -زاده الله تشريفًا وتكريمًا- قال ﷺ:(فَيَأْتُونِي (٥)) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ والمُستملي: «فيأتونني»(٦)(فَأَسْتَأْذِنُ) في الدُّخول (عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ) أي: جنَّته التي اتَّخذها لأوليائه، والإضافة للتَّشريف، وقال في «المصابيح»: أي: أستأذن ربِّي في حال كوني في جنَّته، فأضاف الدَّار إليه تشريفًا (فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ) تعالى (وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِي) وفي «مُسنَد أحمد»: أنَّ هذه السَّجدة مقدار جمعةٍ من جمع الدُّنيا (فَيَقُولُ) تعالى: (ارْفَعْ مُحَمَّدُ)
(١) في (د): «نهى الله». (٢) «التي أصاب»: سقط من (ع). (٣) في (ع): «تعاريض». (٤) «صورة»: ليس في (د). (٥) في (س): «فيأتون». (٦) قوله: «ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ والمستملي: فيأتونني» سقط من (د).