يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؛ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا) بضمِّ الميم وسكون المعجمة وفتح اللَّام، بالنَّصب صفةُ لـ «بابًا»، أي: لا يخرج شيءٌ منها في حياتك، قال ابن المُنَيِّر: آثر حذيفة الحرص على حفظ السِّرِّ، فلم يُصرِّح لعمر ﵁ بما سأل عنه، وإنَّما كنَّى عنه كنايةً، وكأنَّه كان مأذونًا له في مثل ذلك، وقال ابن بطَّال: وإنَّما عدل حذيفة حين سأله عمر عن الإخبار بالفتنة الكبرى إلى الإخبار بالفتنة الخاصَّة (١)؛ لِئلَّا يغمَّه ويشغل باله، ومن ثَمَّ قال له: إنَّ بينك وبينها بابًا مغلقًا، ولم يقل له: أنت الباب، وهو يعلم أنَّه الباب، فعرَّض له بما أفهمه (٢) ولم يصرِّح (٣)؛ وذلك من حسن أدبه (قَالَ عُمَرُ)﵁ مستفهمًا لحذيفة: (أَيُكْسَرُ البَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ) حذيفة: (بَلْ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «لا بل»(يُكْسَرُ، قَالَ عُمَرُ: إِذًا) بالتَّنوين، أي: إنِ انكسر (لَا يُغْلَقَ) نُصِبَ بـ «إذًا»(٤)(أَبَدًا) وفي «الصِّيام»[خ¦١٨٩٥]«ذاك أجدر ألَّا يُغْلَق إلى يوم القيامة»، ويُحتَمَلُ أن يكون كنَّى عن الموت بالفتح، وعن القتل بالكسر، قال حذيفة:(قُلْتُ: أَجَلْ) بالجيم واللَّام المخفَّفة: نعم، قال شقيقٌ:(قُلْنَا (٥) لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ البَابَ؟ قَالَ) حذيفة:(نَعَمْ) كان (٦) يعلمه (كَمَا أَعْلَمُ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي (٧): «يعلم»(٨)(أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً (٩)) أي: أعلمه علمًا ضروريًّا مثل هذا (وَذَلِكَ أَنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ): جمع أغلوطة -بالغين المعجمة والطَّاء المهملة- ما يُغالط به (١٠)، أي: حدَّثته حديثًا صدقًا محقَّقًا من حديثه ﷺ، لا عن اجتهادٍ ولا عن (١١) رأيٍ، قال
(١) في (ع): «الصُّغرى». ونبَّه على ذلك العلَّامة قطة رحمه الله تعالى، وقال: وهي الأنسب بقوله: «الكبرى». (٢) في (ص): «فهمه». (٣) في (د): «يعرِّض». (٤) في (ع): «إذن». (٥) في (ع): «قلت». (٦) «كان»: ليس في (د) و (ص) و (ع). (٧) «والمُستملي»: سقط من (ص). (٨) قوله: «ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: يعلم» جاء في (ص) قبل قوله: «قال شقيق». (٩) في (ع): «قبله». (١٠) في غير (د) و (س): «يغلِّطه». (١١) «عن»: ليس في (د).