محضةً بعد «إذا» المفاجأة؛ لأنَّها من القرائنِ الَّتي تتحصَّل بها الفائدةُ، كقولك: انطلقتُ فإذا سَبُعٌ في الطَّريق، قاله ابن مالك (ثُمَّ قَالَ) الله تعالى له: (أَيْ عَبْدِي مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ) من أمركَ بَنِيْكَ بإحراقكَ (١) وتذريتك (قَالَ): حملَني عليه (مَخَافَتُكَ -أَوْ: فَرَقٌ) بفتح الراء، خوفٌ (مِنْكَ-) شكَّ الرَّاوي (٢) أيَّ اللَّفظين قال (فَمَا تَلَافَاهُ) بالفاء، أي: تداركه (أَنْ ﵀ سقطتِ الجلالة لأبي ذرٍّ.
واستُشْكل إعرابُه (٣)؛ إذ مفهومُه عكس المقصود. وأُجيب بأنَّ «ما» موصولةٌ، أي: الذي تلافاهُ هو الرَّحمة، أو نافية، وأداة الاستثناء محذوفةٌ لقيام القرينة، كما هو رأيُ السُّهيليِّ، أي: فما تداركه إلَّا بأنْ رحمه.
قال سليمان التَّيميُّ أو قتادة:(فَحَدَّثْتُ أَبَا عُثْمَانَ) عبد الرَّحمن بن ملٍّ النَّهديَّ (فَقَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ) الفارسيَّ، أي: يُحدِّث عن النَّبيِّ ﷺ بمثل هذا الحديث (غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ: فَأَذْرُونِي فِي البَحْرِ) بهمزة قطع مفتوحة، ولأبي ذرٍّ:«فاذروني» بهمزة وصل. يقال: ذرتِ الرِّيحُ التُّرابَ وغيرَه ذَرْوًا وأَذْرَتْهُ (٤) وذَرَّتْهُ (٥) أطارتْه وأذهبتْهُ. وقال في «المشارق»: يقال: ذريْتَ الشَّيء وذروتهُ ذريًا وذروًا، وأذريْتُ أيضًا رباعيٌّ، وذرَّيت -بالتَّشديد- إذا بدَّدته وفرَّقته، وقيل: إذا طرحتَه مقابل الرِّيح كذلك (أَوْ كَمَا حَدَّثَ) شكَّ الرَّاوي، يريد أنَّه بمعنى حديثِ أبي سعيدٍ لا بلفظه كلِّه.
(١) في (ص): «من إحراقك». (٢) في (د): «شك من الراوي». (٣) «إعرابه»: ليست في (ع). (٤) في (ص): «أذريته». (٥) «وذرته»: ليست في (ص).