ابن جزي:" ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ﴾ الآية: معناها كقوله: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ أي ما أعطيتم من أموالكم على وجه الربا فلا يزكو عند الله"(١).
ابن عاشور:"وهذا التفسير -يعني تفسير الربا في العقود- هو المناسب لمحمل لفظ الربا على حقيقته المشهورة، ولموافقة معنى قوله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ "(٢).
• دراسة المسألة:
من خلال التتبع والنظر في أقوال أهل العلم، واستقراء ما أورده المفسرون في تفسير الآية، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن المراد من الربا في الآية: العطاء والهدية بين الناس، مما أباحه الله ﷿، وهو ما عليه عامة أهل التأويل (٣)، وذلك من وجهين:
أولا: أن القول بأن المراد من الربا: العطاء والهدية، وهو قول عامة السلف، ممن شهد التنزيل وعرف أحواله، ولم يُعلم من أحدهم أنه نص على أن المراد: الربا المُحرّم، من ربا البيع أو ربا النسيئة.
فقد روى ابن جرير الطبري في تفسيره عن ابن عباس، قوله:" ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ قال: هو ما يعطي الناس بينهم بعضهم بعضا، يعطي الرجل الرجل العطية، يريد أن يعطى أكثر منها "(٤).
وعن سعيد بن جبير:" ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ﴾ قال: هو الرجل يعطي الرجل العطية ليثيبه"، وروي بنحو ذلك عن مجاهد، وإبراهيم النخعي، وقتادة،
(١) التسهيل: ابن جزي (٢/ ١٣٤). (٢) التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢١/ ١٠٦). (٣) نص على هذا الماتريدي في تأويلات أهل السنة (٨/ ٢٨٠)، والسمعاني في تفسيره (٤/ ٢١٥، ٢١٦)، والبغوي في معالم التنزيل (٦/ ٢٧٣). (٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٨/ ٥٠٣).