للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والضحاك (١).

الثاني: ظاهر الآية الذي يدل على أن الربا المذكور فيها: الربا الجائز من العطايا والهدايا التي يُبتغى بها عرض الدنيا، والتماس الفضل من الناس، لأن قوله تعالى: ﴿فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾، المراد منه: لا يزداد ولا يتضاعف ذلك عند اللَّه، وليس كما في الربا المحرم المحظور؛ حيث يقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾ [سورة البقرة: ٢٧٨] (٢).

الجواب عن الإيرادات التي أوردها القاسمي في تعقبه على الحافظ ابن كثير ، وغيره:

بعد أن أورد القاسمي قول الحافظ ابن كثير المتقدم وغيره، تعقبه ووصف أقوالهم بأن فيه نظر من وجوه:

الأول: أن هذه الآية شبيهة بآية ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾، وهي في ربا البيع الذي كان فاشيا في أهل مكة حتى صار ملكة راسخة فيهم، امتصوا بها ثروة كثير من البؤساء، مما خرج عن طور الرحمة والشفقة والكمال البشريّ. فنعى عليهم حالهم، طلبا لتزكيتهم بتوبتهم منه. ثم أكّد ذلك في مثل هذه الآية. مبالغة في الزجر (٣).

والجواب: أن الآية وإن كانت شبيهة بقوله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ إلا أن سياق الآيات في سورة البقرة في تحريم الربا يختلف عن سياق الآيات ههنا، إذ هي ليست صريحة في تحريم الربا، وإنما إشارة إلى أن الله يمحق الربا بذهاب بركته وهلاكه، فلا ينمو ولا يبارك الله فيه، والله أعلم.


(١) أخرج أقوالهم ابن جرير الطبري في تفسيره (١٨/ ٥٠٣ - ٥٠٥)، وأورد نحوا منها السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٩٥)، وانظر: موسوعة التفسير بالمأثور: مجموعة من المؤلفين (١٧/ ٤٦١ - ٤٦٣).
(٢) انظر: تأويلات أهل السنة: الماتريدي (٨/ ٢٨٠، ٢٨١).
(٣) محاسن التأويل: القاسمي (١٣/ ٤٧٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>