القرطبي:"وهذه الآية نزلت في النجاشي وأصحابه لما قدم عليهم المسلمون في الهجرة الأولى"(١).
أصحاب القول الثاني:
ابن عطية:" ذكر سعيد بن جبير، ومجاهد، وابن عباس أن هذه الآية نزلت بسبب وفد بعثهم النجاشي إلى رسول الله ﷺ ليروه، ويعرفوا حاله، فقرأ النبي ﷺ عليهم القرآن فبكوا وآمنوا ورجعوا إلى النجاشي فآمن"(٢).
ابن عاشور:"إن المعنيَّ في هذه الآية ثمانية من نصارى الشام كانوا في بلاد الحبشة وأتوا المدينة مع اثنين وستين راهبا من الحبشة مصاحبين للمسلمين الذين رجعوا من هجرتهم بالحبشة وسمعوا القرآن"(٣).
• دراسة المسألة:
من خلال استقراء أقوال أهلم العلم وما أوردوه في تفسير الآية وما جاء في سبب نزولها، يتبين أن الروايات الواردة في سبب نزول الآية صحيحة الإسناد، صريحة في دلالتها على سبب النزول.
فقد أخرج ابن جرير الطبري بسنده عن سعيد بن جبير قال: بعث النجاشي وفدا إلى النبي ﷺ، فقرأ عليهم النبي ﷺ فأسلموا. قال: فأنزل الله تعالى فيهم: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾، إلى آخر الآية. قال: فرجعوا إلى النجاشي فأخبروه، فأسلم النجاشي، فلم يزل مسلما حتى مات. قال: فقال رسول الله ﷺ: إن أخاكم النجاشي قد مات، فصلوا عليه! فصلى عليه رسول الله ﷺ بالمدينة، والنجاشي ثُمَّ (٤).
(١) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٨/ ١٠٧، ١٠٨). (٢) المحرر الوجيز: ابن عطية (٣/ ٥٩٤). (٣) التحرير والتنوير: ابن عاشور (٧/ ٩). (٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٠/ ٤٩٩)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٤/ ١١٨٥)، برقم: (٦٦٧٩)، وانظر: الصحيح المسند من أسباب النزول: الوادعي (ص: ٨٧).