قال القاسمي: وعجب من الشهاب حيث وافق الرازي في دعواه: "إن تأخير العقاب لا يسمى مغفرة لأنه مخالف للظاهر، ولاستعمال القرآن. وللزومه كون الكفار كلهم مغفورا لهم لأجل تأخير عقابهم إلى الآخرة"(١)، ولا يخفاك صحة تسميته مغفرة لأنه في اللغة الستر. ومن أفراده الستر بالإمهال؟ ودعوى أنه مخالف للظاهر ولاستعمال القرآن، تحكم بحت على أسلوب القرآن، وبإرجاعه إلى ما أصلوه. مع أن التحاكم إليه في الفروع والأصول، وهو الحجة في اللغة والاستعمال! ودعوى فساد اللزوم وتهويل خطبه- فارغة، لأنه لا محذور في ذلك. لا سيما وهو المناسب لاستعجالهم العذاب المذكور قبل، فالتلازم صحيح! ثم من المقرر أن القرآن يفسر بعضه بعضا، فهذه الآية في معناها كآية ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ﴾ الآية [سورة فاطر: ٤٥]. فما ذكر من التأويل مؤيد بهذه الآية، فتفطن ولا تكن أسير التقليد! (٢).
• أقوال أهل العلم في تأخير العذاب ودخوله في معنى المغفرة في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ﴾ (٣):
القول الأول: أن تأخير العذاب يُسمى مغفرة، ويدخل في معنى قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ﴾.
(١) انظر: مفاتيح الغيب: الرازي (١٩/ ١٢)، وانظر: اللباب: ابن عادل الحنبلي (١١/ ٢٥٥)، وانظر: عناية القاضي: الشهاب الخفاجي (٥/ ٢٢٠). (٢) محاسن التأويل: القاسمي (١٠/ ٣٦٤٧). (٣) أشار بنحو هذا الخلاف الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٩٥).