للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وصول إلى حفظ الفرج وإحصانه (١).

الثالث: مما يدل على أن المراد من حفظ الفروج في الآية: حفظها من الإفضاء إلى الزنى، أن الله تعالى لم يقل: ويحفظوا من فروجهم كما قال: ﴿يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ وذلك لأن الأمر بغض البصر في الآية في غاية العسر، فجاءت (من) التبعيضية تشير إلى الرخصة في النظرة الأولى، وأن المأخوذ به إنما هو التمادي، بخلاف حفظ الفروج فإنه قال: ﴿وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ فحذفت «من» لقصد العموم، أي عن كل حرام مما لا رخصة فيه من كشف، أو زنى، أو لواط، وغير ذلك، والعياذ بالله (٢).

تنبيه:

ما ذهب إليه أبي العالية وابن زيد من أن كل شيء في القرآن من (حفظ الفرج) فهو من الزنى، إلا هذه الآية والتي بعدها، فهو أن لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، قد تعقبه غير واحد من أهل العلم إما بوصفه أنه تخصيص بلا دلالة، أو لا وجه لهذا التخصيص، أو أنه ضعيف، أو لا يتعين، ونحو ذلك (٣).

• النتيجة:

يتبين من خلال ما تقدم ذكره من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن المراد من حفظ الفروج في قوله تعالى: ﴿وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ حفظها عن الإفضاء إلى الزنى، لما تقدم إيراده من الأوجه الدالة على ذلك، والله أعلم.


(١) انظر: تأويلات أهل السنة: الماتريدي (١٠/ ٩٩).
(٢) انظر: مدارك التنزيل: النسفي (٢/ ٤٩٩)، وانظر: نظم الدرر: البقاعي (١٣/ ٢٥٤).
(٣) انظر: أحكام القرآن: الجصاص (٥/ ١٧٢)، وانظر: المحرر الوجيز ابن عطية (٧/ ٢٠٦)، وانظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٢٣/ ٣٦٣)، وانظر: البحر المحيط: أبو حيان (١٦/ ٦٤)، وانظر: اللباب: ابن عادل الحنبلي (١٤/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>