قال القاسمي: أي في القعود عن الغزو، لضعفهم وعجزهم، وهذه الآية كالتي في سورة الفتح وكآية براءة ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى﴾ الآية [سورة التوبة: ٩١]، وهذا ما ذهب إليه عطاء وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وزَعْمُ أنه لا يلائم ما قبله ولا ما بعده، مردود بأن المراد أن كلّا من الطائفتين منفيّ عنه الحرج (١).
• أقوال أهل العلم في المراد من الحرج المنفي في آية النور: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ (٢):
القول الأول: أن الحرج المنفي عن الأعمى والأعرج والمريض هو الغزو والجهاد في سبيل الله.
القول الثاني: أن الحرج المنفي عن الأعمى والأعرج والمريض هو المؤاكلة معهم في مجلس واحد (٣)، أو أن يأكلوا من البيوت التي استُخلفوا عليها أثناء خروج المسلمين للغزو.
أصحاب القول الأول:
الحسن البصري:" ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج في التخلف عن الجهاد في سبيل الله"، وبنحو ذلك روي عن ابن زيد، وعطاء، وزيد بن أسلم (٤).
(١) محاسن التأويل: القاسمي (١٢/ ٤٥٥١). (٢) أشار إلى هذا الخلاف الماوردي في النكت والعيون (١/ ١٢٣)، وابن الجوزي في زاد المسير (٣/ ٣٠٧). (٣) يعني أن بعض الصحابة كانوا يتحرجون من مؤاكلة الأعمى؛ يَقُولُونَ: لأَنَّنا إِذَا أكلنا معه ربما أكلنا الجيد وتركنا الرديء، ومن جهة أُخْرَى الأعمى أيضًا يتحرج من الأكل مع البصير؛ لأنَّه يَقُول: إِذَا أكلت مع البصير أخاف أن آكل أكثر منه. ينظر: تفسير القرآن الكريم (سورة النور): العثيمين (ص: ٤٠٦). (٤) أخرجه نحوا من أقوالهم ابن جرير الطبري في تفسيره (١٧/ ٣٦٩)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٨/ ٢٦٤٤) برقم: (١٤٨٦٤)، وأوردها الثعلبي في الكشف والبيان (١٩/ ٣٢٨)، والواحدي في البسيط (١٦/ ٣٧٢)، والبغوي في معالم التنزيل (٦/ ٦٤).