الثالث: الأشاعرة يُثبتون رؤية الله -تعالى-، ولكن ليس كإثبات أهل السنة، فهم يقولون أن الله يُرى لا في جهة! فلا يُرى من فوق، ولا تحت، ولا يمين، ولا شمال، ولا أمام، ولا خلف، وذلك لأنهم ينفون عن الله -تعالى- صفة العلو.
قال ابن أبي العز (١): " ومن قال: يرى لا في جهة، فليراجع عقله!! فإما أن يكون مكابرا لعقله أو في عقله شيء، وإلا فإذا قال يرى لا أمام الرائي ولا خلفه ولا عن يمينه ولا عن يساره ولا فوقه ولا تحته، رد عليه كل من سمعه بفطرته السليمة، ولهذا ألزم المعتزلة من نفى العلو بالذات بنفي الرؤية، وقالوا: كيف تعقل رؤية بغير جهة (٢).
وقد دلت الأحاديث الصحيحة الصريحة بإثبات رؤية الله -تعالى- في جهة، فقد روي عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رسول الله: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال:«هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا؟»، قلنا: لا، قال:«فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ، إلا كما تضارون في رؤيتهما»(٣)، ومعلوم أننا نرى الشمس والقمر عيانًا في جهة.
• النتيجة:
بعد عرض ما تقدم من الأدلة وأقوال المُفسرين يتبين جليًا عدم دلالة الآية وهي قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ على نفي الرؤية مطلقًا كما زعم المعتزلة، وأن الحق هو الذي عليه أهل السنة والجماعة من أن الآية خاصة بنفي رؤية الله في الدنيا، لا في الآخرة.
(١) وهو: صدر الدّين محمد بن علاء الدّين بن أبي العزّ الحنفي الصالحي، اشتغل قديما، ومهر، ودرّس، وأفتى، وخطب، ثم ولي قضاء دمشق، ثم ولي قضاء مصر، مات سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. ينظر: شذرات الذهب: ابن عماد الحنبلي (٨/ ٥٥٧). (٢) شرح العقيدة الطحاوية: ابن أبي العز (ص: ١٦٠). (٣) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾، برقم: (٧٤٣٩).