للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الحافظ ابن حجر: «صدوق، اختلط جدًّا، ولم يتميز حديثه؛ فتُرِك من السادسة» (١).

فائدة: القاعدة المقررة عند أهل العلم أنه "إذا احتمل اللفظ معاني عدة ولم يمتنع إرادة الجمع، حمل عليها" (٢). وقد اجتهد الشيخ محمد رشيد رضا في حمل كُلا من الخطابين على مراد الآية، فيجوز أن يكون المراد من الخطاب: المهاجرين بأن الله تعالى يذكرهم بما كان من ضعفهم وقلتهم بمكة، ويجوز أن يكون: للمؤمنين والعرب كافة، يذكرهم بما كان من ضعف أمتهم العربية في جزيرتهم بين الدول القوية من الروم والفرس، فلا مانع فيه من إرادة هذا وذاك معا. فقوله تعالى: ﴿تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ﴾ أي: تخافون من أول الإسلام إلى وقت الهجرة أن يتخطفكم مشركو قومكم من قريش وغيرها من العرب، أي أن ينتزعوكم بسرعة فيفتكوا بكم كما كان يتخطف بعضهم بعضا خارج الحرم، وتتخطفهم الأمم من أطراف جزيرتهم. قال تعالى في أهل الحرم: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ فآواكم يا معشر المهاجرين إلى الأنصار وأيدكم وإياهم بنصره في هذه الغزوة، وسيؤيدكم على الروم وفارس وغيرهم كما وعدكم في كتابه بالإجمال (٣).

وهذا الذي ذكره جيد، وله حظ من النظر، إلا أن الدلائل والأوجه التي تم إيرادها تؤيد وتقوي القول بأن الخطاب للمهاجرين من أصحاب رسول الله ، والله أعلم.

• النتيجة:

بعد ما تقدم ذكره من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن الراجح والصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن المخاطبين في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ هم المهاجرين من أصحاب النبي ، لما تقدم إيراه من الأوجه الدالة على ذلك، والله أعلم.


(١) تقريب التهذيب: ابن حجر (ص: ٤٦٤) برقم: (٥٦٨٥)، وانظر: التفسير النبوي: خالد الباتلي (١/ ٣٧٠).
(٢) انظر ما تقدم في تقرير هذه القاعدة في مسألة (٨٧) ص: (٥٦٧).
(٣) انظر: تفسير المنار: محمد رشيد رضا (٩/ ٥٣١، ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>