يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ [سورة البقرة: ٩٦] قال: "وما ذكره بعض المفسرين من أن البصير في اللغة بمعنى العليم لا يخفى فساده"(١). وكذا في هذا المثال لم يُعيِّن القاسمي ﵀ المُفسرين المُتعقب عليهم، وإنما أبهمهم.
ت - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [سورة النساء: ٧] قال: "وقد استدل بالآية على توريث ذوي الأرحام لأنهم من الأقربين. وهو استدلال وجيه. ولا حجة لمن حاول دفعه"(٢). فلم يُبين القاسمي ﵀ من الذي حاول دفعه، وعقَّب عليه، وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله تعالى ببيان المبهمين الذين عقَّب عليهم القاسمي ﵀.
٣ - التعقب بذكر إحدى الطوائف المُخالفة لأهل السنة والجماعة، ومن ذلك:
أ - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [سورة البقرة: ٤٨] تعقب على فرقة المُعتزلة، فقال:"تمسكت المعتزلة بهذه الآية على أن الشفاعة لا تقبل للعصاة لأنه نفى أن تقضي نفس عن نفس حقا أخلت به من فعل أو ترك، ثم نفى أن يقبل منها شفاعة شفيع. فعلم أنها لا تقبل للعصاة. والجواب: أنها خاصة بالكفار .... "(٣).
ب - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [سورة البقرة: ١٢٤] تعقب على المعتزلة والشيعة، فقال: " وقد استدلت المعتزلة بهذه الآية على أن الظالم ليس بأهل للإمامة. والكشاف أوسع المقال، في ذلك، هنا، وأبدع في إيراد الشواهد. كما أن الشيعة استدلت
(١) محاسن التأويل: القاسمي (٢/ ١٩٧). (٢) محاسن التأويل: القاسمي (٥/ ١١٣٠)، وسيأتي المزيد من الأمثلة في الدراسة التطبيقية. (٣) محاسن التأويل: القاسمي (٢/ ١٢١).