قال الرازي:"الآية دالة على بطلان التقليد، لأن قوله ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ يدل على أن كسب كل واحد يختص به، ولا ينتفع به غيره، ولو كان التقليد جائزا، لكان كسب المتبوع نافعا للتابع، فكأنه قال: إني ما ذكرت حكاية أحوالهم طلبا منكم أن تقلدوهم، ولكن لتنبهوا على ما يلزمكم، فتستدلوا وتعلموا أن ما كانوا عليه من الملة هو الحق"(١). انتهى.
قال القاسمي: ومعلوم أن اتباع الأنبياء ﵈، والإيمان بهم، لا يسمى تقليدا، لخروجه عن حده المقرر في كتب الأصول (٢).
• أقوال أهل العلم في وصف من اتبع الأنبياء ﵈ بالتقليد:
القول الأول: أن اتباع الأنبياء يُسمى تقليدًا.
القول الثاني: أن اتباع الأنبياء لا يُسمى تقليدًا.
أصحاب القول الأول:
الشافعي:"ولا يحل تقليد أحد سوى رسول اللَّه ﷺ "(٣).
ابن رشد (٤): "التقليد هو قبول قول قائل يغلب على الظن صدقه لحسن الثقة فيه. والفرق بين هذا وبين، تقليده ﷺ، أن تقليده هو قبول قول يقع للإنسان اليقين به لدلالة
(١) مفاتيح الغيب: الرازي (٤/ ٦٨). (٢) محاسن التأويل: القاسمي: (٣/ ٢٦٩). (٣) سلاسل الذهب: الزركشي (ص: ٤٤٠). (٤) وهو: محمد بن أحمد بن أحمد ابن رشد أبو الوليد، الإمام، العلامة، شيخ المالكية، قاضي الجماعة بقرطبة، أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي، المالكي، مات سنة ٥٢٠ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (١٩/ ٥٠١)