ابن عطية:"والأظهر من نسق الآيات أن هذا الخطاب للكفار الذين تقدم ذكرهم وهو مذهب الطبري"(١).
• دراسة المسألة:
المتأمل فيما ذكره المفسرون في تفسير الآية، وما ورد في تفسيرها من آثار، وما قرره أهل العلم من قواعد وأصول على أساسها يكون الفهم الصحيح للآيات، يجد أنه ثمة إشكال وهو: تعارض القواعد في الترجيح، فأصحاب القول الأول معظمهم من سلف هذه الأمة، والقاعدة:[أن تفسير السلف وفهمهم لنصوص الوحي حجة على من بعدهم](٢).
وأصحاب القول الثاني تؤيدهم قاعدة:[إدخال الكلام في معاني ما قبله وما بعده أولى من الخروج به](٣).
ولحل هذا الاشكال يُحمل الخطاب لكلا الفريقين، بمعنى أنه يجوز أن يكون الخطاب في قوله تعالى: ﴿هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ للمؤمنين، للآثار المروية عن بعض من الصحابة والتابعين الدالة على ذلك، ويجوز أن يكون للمشركين، لدلالة سياق الآيات السابقة واللاحقة، ولا تعارض، وذلك من أوجه:
أولا: القاعدة المقررة عند أهل العلم والمفسرين أنه: "إذا احتمل اللفظ معاني عدة ولم يمتنع إرادة الجمع، حمل عليها"(٤). ولا مانع أن يكون الخطاب في الآية للمؤمنين إنذاراً لهم، وحثًا على التمسك بدينهم، ولا مانع أن يكون للكافرين تهديدًا لهم، ودعوة لهم للإيمان للوقاية من عذاب الله (٥).
(١) المحرر الوجيز: ابن عطية (٤/ ٢٦)، وانظر: البحر المحيط: أبو حيان (٩/ ٢١٥). (٢) انظر: قواعد الترجيح: حسين الحربي (١/ ٢٤٣). (٣) انظر: قواعد الترجيح: حسين الحربي (١/ ١١١). (٤) مختصر في قواعد التفسير: خالد السبت (ص: ٢٩). (٥) انظر: جامع البيان: الطبري (٩/ ٣٠٨).