قال القاضي والحاكم (١): أما لو كان له حق في تلك البقعة، فله أن لا يفارق. كمن يحضر الجنائز مع النوح، أو الولائم. فيسمع المنكر فيسعه أن يقعد. والنكير على قدر الإمكان واجب عليه. وعن الحسن: لو تركنا الحق للباطل لبطل الشرع. وقد كان خرج إلى جنازة، خرجت النساء فيها فلم يرجع. ورجع ابن سيرين. انتهى (٢).
قال القاسمي: أقول: من له حق في البقعة، فعليه أن يفارق كغيره. إذ ليس في مفارقته ضياع حقه. وعموم الآية يشمله، ولا تخصيص إلا بمخصص. والمسألة المقيس عليها غير ما نحن فيه. على ما فيها من الخلاف. كما حكى. ولا قياس مع النص. وقد حكى الحاكم أقوالا كلها ترجع إلى تخصيص الآية. ولا مستند فيها إلا الرأي، والاحتمال. فلذا أعرضنا عنها (٣).
• أقوال أهل العلم في حضور البقاع التي تحصل فيها منكرات، إن كان الحاضر له حق فيها:
القول الأول: يجوز حضور تلك البقاع، إن كان له حق فيها، ولا يُشترط مفارقتها.
القول الثاني: لا يجوز له حضورها، بل الواجب عليه مفارقتها.
(١) وهو: المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي، ويقال له الحاكم الجشمي، مفسر، متكلم، أصولي، حنفي، ثم معتزلي فزيدي. وهو من شيوخ الزمخشري. دخل اليمن واشتهر بصنعاء، مات سنة ٤٩٤ هـ. ينظر: معجم المفسرين: عادل نويهض (٢/ ٤٦٣). (٢) انظر: التهذيب في التفسير: الحاكم الجشمي (٣/ ١٧٩١، ١٧٩٢). (٣) محاسن التأويل: القاسمي (٥/ ١٦١٤).