للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكل آية نزلت بالمدينة بعد الهجرة فإنها مدنية، نزلت بالمدينة أو بغيرها من البلدان» (١).

الثالث: أن باعتبار هذا التعريف، يزول الاشكال في الآيات التي نزلت في طريق النبي ، قبل أن يبلغ المدينة، أو في أسفاره، أو في الآيات التي قد تكون نزلت بالطائف مثلا، فلو كان الضابط هو المكان فالمكان الذي نزلت فيه الآية، ليس بمكة ولا المدينة، فيصعب الحكم على الآية بأنها مكية أو مدنية، ويحدث خلاف في ذلك، بخلاف لو اعتُبر الزمان فإن الإشكال يزول.

وأما ما يتعلق بذات الآية، فإن الذي يؤكد مدنيتها أمران:

الأول: أن الآية تتفق مع خصائص الأسلوب والمعاني والأغرض التي تتميز بها السور المدنية، فالآية جاءت في سياق الأحكام التي دلت على تحريم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير، وكما هو معلوم أن بيان الأحكام الشرعية، من خصائص القرآن المدني.

الثاني: أن عرفات ليست من مكة، حتى يُقال بأن الآية مكية لأنها نزلت بعرفات، وإنما عرفات من ضواحي مكة، وبينها وبين مكة اثنا عشر ميلا ويجوز منها من أراد الطائف (٢).

وعليه فإما أن تكون الآية ليست مكية ولا مدنية، وإما أن تكون مدنية باعتبار أنها نزلت بعد الهجرة، والثاني أقرب، والله أعلم.

• النتيجة:

من خلال ذكر ما تقدم يتبين أن مسألة الاعتبار في المكي والمدني من حيث الزمن أو من حيث المكان، من المسائل التي اختلف فيها العلماء قديمًا، والراجح هو ما عليه أصحاب القول الثاني، من أن الآية في قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ مدنية، لكونها نزلت بعد الهجرة، والله أعلم.


(١) أورده السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٤٥).
(٢) انظر: المسالك والممالك: ابن خرداذبة (ص: ١٣٤)، وانظر: البلدان: ابن الفقيه (ص: ٧٨)، وانظر: شرح منظومة التفسير: الحازمي (٥/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>