الأخرى، ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك (١).
فالجواب: أن ذلك ليس بلازم; لأنه إن أراد اتصالهما في المعنى، فالقرآن كله متصلة سوره معنى.
ألا ترى إلى فاتحة الكتاب وفيها ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [سورة الفاتحة: ٦]، فجاءت سورة البقرة: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [سورة البقرة: ٢]، وبعدها ذكر أوصافهم وقال: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [سورة البقرة: ٥]، فأي ارتباط أقوى من هذا، كأنه يقول: الهدى الذي تطلبونه في هذا الكتاب فهو هدى للمتقين، وإن أراد اتصالا حسا بعدم البسملة، فنظيرها سورة براءة مع الأنفال، ولكن لا حاجة إلى ذلك; لأن إجماع القراء على إثبات البسملة بينهما، اللهم إلا مصحف أبي بن كعب.
وبهذا يظهر أنه لا وجه أرجح من وجه، وصحة الوجهين أقوى وأعم في الامتنان وتعداد النعم (٢).
• النتيجة:
بعد ذكر ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن الصواب بأن يُقال أن كلا القولين المتقدمين يجوز حمله على الآية، فيجوز أن تكون (اللام) في قوله تعالى: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ صلة ترجع إلى سورة الفيل، ويجوز أن تكون (اللام) صلة ترجع إلى ما بعدها من قوله ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾، لما تقدم إيراه من الأوجه الدالة على ذلك، والله أعلم.
* * *
(١) انظر: جامع البيان: الطبري (٢٤/ ٦٥٠)، وانظر: لباب التأويل: الخازن (٤/ ٤٧٥). (٢) انظر: تتمة أضواء البيان للشنقيطي: الشيخ عطية محمد سالم (٢/ ٥٣٤، ٥٣٥).