الخمر ولا يعلمون تحريمها، فذكروا ذلك للنبي ﷺ، فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ﴾ وإن عملوا بالمنسوخ، ﴿حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾، يعني: ما نسخ من القرآن، يعني: إنه قبل منهم ما عملوا بعد النسخ ولا يؤاخذهم بذلك (١).
فدل هذا السبب على هذا المراد: وهو فعل المؤمنين من صلاتهم نحو القبلة الأولى وهي بيت المقدس قبل علمهم بالنسخ، وليس أن الآية خطاب للمؤمنين فيكون المراد: وما كان الله ليقضي عليكم في استغفاركم لموتاكم المشركين بالضلال بعد إذ رزقكم الهداية ووفقكم للإيمان به وبرسوله، حتى يتقدم إليكم بالنهي عنه فتتركون الانتهاء عنه.
والجواب: لا مانع أن يكون هذا السبب داخلا من حيث العموم في معنى الآية، وتكون الآية شاملة للمعنيين: فلا يضل الله قومًا استغفروا للمشركين لعدم علمهم بالنهي عن ذلك، وكذا لا يضل الله قومًا عملوا بالمنسوخ، وصلوا نحو بيت المقدس، قبل علمهم بالناسخ، والله أعلم.
• النتيجة:
بعد ذكر ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن الأقرب للصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، من أن المراد من الآية: وما كان الله ليحكم عليكم بالضلال في استغفاركم لموتاكم المشركين لعدم علمكم بالنهي، لما تقدم إيراده من الوجهيْين الدالين على ذلك، خلافًا لما ذهب إليه القاسمي ﵀، والله أعلم.
(١) انظر: تفسير مقاتل: (٢/ ٢٠٠)، وانظر: بحر العلوم: السمرقندي (٢/ ٩٢)، وانظر: معالم التنزيل: البغوي (٤/ ١٠٣).