للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دراسة المسألة:

من خلال عرض ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أنها من المسائل التي اختلف علماء اللغة والمفسرون قديمًا، والذي يظهر أن الراجح من أقوالهم ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من أن قوله تعالى: ﴿وأرجلِكم﴾ على قراءة ابن كثير المكي وأبي عمرو البصري وحمزة (١). معطوف على المجاورة، وأنه لا يُشترط في المجاورة عدم وجود أداة عطف، وذلك من وجهين:

الأول: الآيات القرآنية التي ورد فيها العطف على المجاورة، كقوله تعالى: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ﴾ [سورة الرحمن: ٣٥] بالجر، على قراءة ابن كثير وأبي عمرو (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾ [سورة الواقعة: ٢٣]، على قراءة حمزة، والكسائي. ورواية المفضل عن عاصم بالجر لمجاورته لأكواب وأباريق، إلى قوله: ﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [سورة الواقعة: ٢١]، مع أن قوله: ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾، حكمه الرفع، فقيل: إنه معطوف على فاعل «يَطُوفُ» الذي هو ﴿وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [سورة الواقعة: ١٧]. وقيل: هو مرفوع على أنه مبتدأ خبره محذوف، دل المقام عليه. أي: وفيها حور عين، أو لهم حور عين. وإذن فهو من العطف بحسب المعنى.

وقد أنشد سيبويه للعطف على المعنى قول الشماخ (٣)، أو ذي الرمة (٤):


(١) انظر: السبعة: ابن مجاهد (ص: ٦٤)، وانظر: التيسير: أبو عمرو الداني (ص: ٩٨)، وانظر: النشر: ابن الجزري (١/ ٢٩).
(٢) انظر: السبعة: ابن مجاهد (ص: ٦٢١) وانظر: التيسير: أبو عمرو الداني (ص: ٢٠٦)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٧/ ٣٤٧).
(٣) وهو: الشماخ بن ضرار بن حرملة بن سنان الغطفاني، يُكنى أبا سعيد، كان شاعرا مشهورا، وكان شديد متون الشعر، صحيح الكلام، أدرك الإسلام فأسلم، وحسن إسلامه توفي في غزوة موقان في زمن عثمان. ينظر: الإصابة: ابن حجر (٣/ ٢٨٥).
(٤) وهو: أبو الحارث غيلان بن عقبة بن بهيش، بن مسعود بن حارثة بن عمرو بن ربيعة بن ساعدة، ويرجع نسبه إلى بني عدنان، الشاعر المشهور المعروف بذي الرمة، أحد فحولة الشعراء، مات سنة ١١٧ هـ. ينظر: وفيات الأعيان: ابن خلكان (٤/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>