ابن كثير:" ﴿فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا﴾ يعني: اصطكاك نعالها للصخر فتقدح منه النار"(١).
أصحاب القول الثاني:
ابن عباس ﵁:" سألني علي بن أبي طالب ﵁، عن ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا﴾ فقلت له: الخيل تغير في سبيل الله، ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامهم ويورون نارهم "، وبنحو ذلك روي عن قتادة (٢).
قال بعض من المفسرين: " هذه الآيات في الخيل، ولكن إبراؤها أن تهيج الحرب بين أصحابها وبين عدوهم (٣).
• دراسة المسألة:
من خلال التتبع والنظر في أقوال أهل العلم، وما ذكروه في هذه المسألة يظهر أن الصواب بأن يُقال أن كِلا المعنييْن صحيح، ويُمكن حمله على معنى الآية، فيجوز أن يكون المراد من الموريات: الخيل توري النار بحوافرها، وهو الذي عليه الجمهور والأكثر (٤)، ويجوز أن يكون المراد: الحرب، فالخيل توري النار بحوافرها حال عدوها في الحرب، وذلك من أوجه:
الأول: من حيث السياق: فسياق الآيات في وصف الخيل أثناء الحرب حين تضبح وتعدو، والموريات عطف على العاديات بـ (الفاء) للتسبيب، فإنها عدت فأورت، وقد روي أن النبي ﷺ بعث سرية إلى حنين من كنانة، واستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري أحد النقباء، فغابت فلم يأت النبي ﷺ خبرها، فأخبره الله-﷿ عنها فقال:
(١) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٧/ ٦٣٢). (٢) أخرج عن قتادة ابن جرير الطبري في تفسيره (٣٤/ ٥٧٦)، وأورد عن ابن عباس الماوردي في النكت والعيون (٦/ ٣٢٤)، والواحدي في البسيط (٢٤/ ٢٤١). (٣) انظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٣٢/ ٢٦٠)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٢٢/ ٤٣٢)، وانظر: لباب التأويل: الخازن (٤/ ٤٦٠)، وانظر: الدر المصون: السمين الحلبي (١١/ ٨٥). (٤) نص على هذا ابن الجوزي في زاد المسير (٤/ ٤٨١)، وابن كثير في تفسير القرآن العظيم (٧/ ٦٣٣).