محيي الدين درويش:" ﴿وُسْعَهَا﴾ مفعول به ثان، كأنه قيل: اعملوا كل ما في وسعكم وطاقتكم"(٢).
• دراسة المسألة:
من خلال النظر والتأمل في قول الرازي وتعقب القاسمي له في هذه المسألة، يظهر أن هناك قصور فهم عند القاسمي ﵀ لكلام الرازي، وما نقله عن الفيروز آبادي وابن الأثير.
فالرازي يُريد من تغليطه على من ظن أن المراد من الوُسع: بذل المجهود. هو في ذات الآية، بأن ظن أن المراد من الآية: أن الله لا يُكلف نفسًا إلا أن تبذل جهدا بأقصى طاقتها، وليس تكليفها بقدر ما تطيق، وما يتيسر لها.
والقاسمي ﵀ تعقب عليه من جهة اللغة، فاستشهد بكلام ما تقدم ذكره من أهل اللغة على إثبات أنه يجوز أن يكون المراد من الوسع: بذل المجهود.
والمتأمل فيما أورده القاسمي من كلام صاحب القاموس، وابن الأثير، أنهما يُريدان من بذل المجهود في معنى السعة: الجُهد اليسير الذي يتفق مع معنى السعة، وليس الجهد الشاق الذي فيه بذل أقصى الطاقة، الذي يُراد به الجهد: والله أعلم.
وعليه فالصواب في معنى الوسع الوارد في هو ما ذهب إليه الرازي ومن تبعه، وذلك من أوجه:
الأول: ما روي عن بعض السلف في المراد من الوسع مما يتفق ظاهره مع ما ذهب إليه الرازي ومن معه.
(١) أصل الزراري شرح صحيح البخاري (مخطوط): الأسطواني (ص: ٣). (٢) إعراب القرآن وبيانه: محيي الدين درويش (٣/ ٢٧٧).