للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عبدة الأصنام أو الأوثان، ولم يكن مُنافقًا من أهل الكتاب.

ثانيًا: احتمال أن يكون الرجل الذي خاصم اليهودي مُنافقًا من أهل الكتاب:

فقد روي عن السدي: أن الآية نزلت في المنافقين من قريظة والنضير، تفاخروا بسبب تكافؤ دمائهم، إذ كانت النضير في الجاهلية تدي من قتلت وتستقيه إذا قتلت قريظة منهم، فأبت قريظة لما جاء الإسلام، وطلبوا المنافرة، فدعا المؤمنون منهم إلى النبي ، ودعا المنافقون إلى بردة الكاهن، فنزلت (١).

ولا تعارض بين القولين، فلا مانع أن تكون الآية نزلت مرتين: مرة في هؤلاء ومرة في هؤلاء، ومثل هذا التوجيه يقرره ابن تيمية في مقدمته لأصول التفسير (٢).

تنبيه:

تعليل أبي مسلم بأن قوله تعالى: ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ إنما يليق بمثل هذا المنافق، غير مُسَلَّم، إذ إن المراد من قوله تعالى: ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ ما أنزل على الأنبياء والأقدمين أو ما أنزل من التوراة، والمنافق الذي يُظهر الإسلام، يُظهر كذلك أنه مؤمن بما أنزل من قبل لأن هذا ركن من أركان الإيمان، فيذكر تنويها به وتثبيتا لركنيته في الإيمان. وتذكيرا له كما قال القاسمي . أو أنهم وصفوا بهذا الزعم لتأكيد العجيب وتشديد التوبيخ والاستقباح (٣)، وجميعه يليق بمنافقي أهل الكتاب، أو الذين يدَّعون الإسلام.

• النتيجة:

بعد ذكر ما تقدم من الأقوال والآثار في سبب نزول قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ يظهر أن كلا الأمرين محتمل: فجائز أن يكون نزل في رجل منافق من عبدة الأصنام أو الأوثان، وجائز أن يكون نزل في رجل كان منافقا من أهل الكتاب، ولا تعارض كما تقدم، والله أعلم.


(١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ١٩٢)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٩١) برقم: (٥٥٤٩)، وانظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (٣/ ٢٠٥)، وانظر: البحر المحيط: أبو حيان (٧/ ١٥٦، ١٥٧).
(٢) انظر: مقدمة أصول التفسير: ابن تيمية (ص: ١٧).
(٣) انظر: روح المعاني: الآلوسي (٦/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>