الأول: أن الكافر إذا آمن غفر له كفره، ثم إن كفر بعد ذلك ومات على كفره لم يغفر له الكفر الأول وطولب بالأول والآخر، ولا يجوز أن يكون إذا آمن بعد لا يغفر له؛ لأن الله يغفر لكل من آمن بعد كفره، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [سورة الشورى: ٢٥](١).
الثاني: أن الله تعالى قال في آخر الآية: ﴿ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا﴾، فهؤلاء الذين ازدادوا كفرا ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ يعني ما يوفقهم الله للتوبة، ليس المعنى أنهم لو تابوا لم يتب الله عليهم، لكن لا يوفقون، ما داموا -والعياذ بالله- صاروا هكذا غير مستقرين على أمر (٢).
الثالث: يحتمل أن قوله تعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ محمول على قوم معينين علم الله منهم أنهم يموتون على الكفر ولا يتوبون عنه، فيكون قوله: ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ إخبارا عن موتهم على الكفر (٣).
• النتيجة:
بعد ذكر ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن القول الراجح هو مع أصحاب القول الأول من أن التوبة من الردة مقبولة وإن تكررت، لما تقدم إيراده أدلة الكتاب والسنة، التي تؤيد ذلك، وما تقدم ذكره أيضَا من الأوجه التي تدفع استدلال أصحاب القول الثاني، بخلاف ما ذهب إليه القاسمي ﵀، والله أعلم.
(١) أحكام القرآن: ابن الفرس (٢/ ٢٩٠). (٢) الشرح الممتع: العثيمين (١٤/ ٤٦٠)، بتصرف. (٣) انظر: البحر المحيط: أبو حيان (٧/ ٤١٧).