وقد نص الله تعالى عليها في كتابه فقال: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾ " (١).
ابن كثير: " ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾ أي: وإذا فارقتموهم وخالفتموهم بأديانكم في عبادتهم غير الله، ففارقوهم أيضا بأبدانكم" (٢).
الشنقيطي: "الآية تدل على أن اعتزال المؤمن قومه الكفار ومعبوديهم من أسباب لطف الله به ورحمته" (٣).
أصحاب القول الثاني:
القشيري: "العزلة عن غير الله توجب الوصلة بالله. بل لا تحصل الوصلة بالله إلا بعد العزلة عن غير الله" (٤).
السيوطي: " في الآية مشروعية العزلة والفرار من الظلمة وسكون الغيران والجبال عند فساد الزمان" (٥).
• دراسة المسألة:
يتبين من خلال ذكر أقوال أهل العلم واستقراء ما ذكره المفسرون في تفسير الآية، أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، من أن الآية تفيد التأسي بأهل الكهف، إذا اضطهد المرء في دينه وأريد على الشرك، ولا تفيد استحباب العزلة مطلقًا، وذلك من أوجه:
الأول: من حيث سياق الآية: فالآية تخبر أن القوم اعتزلوا قومهم المشركين وجميع ما يعبدون من الآلهة إلا الله، فرارا بدينهم، وليس لسبب آخر دون ذلك، وأنهم لما آوَوْ إلى الكهف يسر الله لهم من أمرهم الذي هم فيه من الغم والكرب خوفا منكم على أنفسكم
(١) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٣/ ٢١٧). (٢) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٥/ ١٤٢). (٣) أضواء البيان: الشنقيطي (٤/ ٤٣). (٤) لطائف الإشارات: القشيري (٢/ ٣٨٢)، وانظر: روح المعاني: الآلوسي (١٥/ ٣٠٤). (٥) الإكليل: السيوطي (ص: ١٧٠)، بتصرف.