استدل الشيعة الاثني عشرية بهذه الآية على وجوب العصمة في الأئمة، ظاهرا وباطنا، والذي أوقع الشيعة في هذا الاستدلال الغريب البعيد هو فساد منهجهم في التفسير وقولهم أن للقرآن معنى ظاهراً ومعنى باطناً لا يعرفه إلا الأئمة (٢)، فلا غرابة أن تصدر منهم مثل هذه الاستدلالات التي توافق أهواءهم، والله أعلم.
والجواب على استدلالهم من وجوه عدة:
الوجه الأول: مخالفة استدلالهم لنظائر الآيات، كقوله تعالى عن إبراهيم: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ [سورة الشعراء: ٨٢]. فإذا كانت الآية تدل على العصمة فهل كان يعلم إبراهيم ذلك؟ فإمامة الهدى ليست خاصة بمعصومين فقد جعلها الله لبني إسرائيل ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [سورة السجدة: ٢٤] وجعلها عامة لكل مستضعف فقال ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [سورة القصص: ٥] والشيعة يجعلون هذه الآية في مرتبة لا تليق إلا بطينة خاصة من البشر وهي طينة المعصومين.
الوجه الثاني: ليس في القرآن الكريم، ولا في أحاديث الرسول ﷺ ما يدل على هذه العصمة. فقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)﴾ ليس فيه معنى العصمة، فهناك فرق كبير بين الظلم وعدم العصمة، فغير المعصوم إذا أخطأ فلم يصر على هذا الخطأ وتاب وأناب إلى الله -تعالى- فليس بظالم. ثم أين هذا من السهو والنسيان الذي لا يحاسب عليه الإنسان، كما قال الرسول ﷺ: "إن الله
(١) التفسير المظهري: محمد ثناء الله المظهري (١/ ١٢٤). (٢) وهذا ما قرره الطبطبائي الشيعي في تفسير الميزان (٣/ ٧٣).