أبو طالب المكي (١): " الإسلام والإيمان كشيء واحد، لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، إذ لا يخلو المسلم من إيمان به يصحّ إسلامه"(٢).
البيهقي (٣): " الأحاديث في تسمية شرائع الإسلام إيمانا وأن الإيمان والإسلام عبارتان عن دين واحد إذا كان الإسلام حقيقة ولم يكن بمعنى الاستسلام، وأن الإيمان يزيد وينقص"(٤).
ابن عبد البر:"الذي عليه جماعة أهل الفقه والنظر، أن الإيمان والإسلام سواء، بدليل ما ذكرنا من كتاب الله ﷿ قوله: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [سورة الذاريات: ٣٦] "(٥).
• دراسة المسألة:
من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم قديمًا، مسألة مفهوم الإسلام والإيمان إذا اقترنا، فهل هما شيء واحد، أم بينهما فرق؟.
وبعد التتبع والنظر في أقوال أهل العلم وما ذكره المفسرون وأهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن أن الآية دالة على أن هناك فرق بين الإسلام والإيمان، وذلك من أوجه:
الأول: أن القول بالتفريق بين الإسلام والإيمان إذا اجتمعا وهو الذي عليه جماعة من
(١) وهو: أبو طالب محمد بن علي بن عطية، الحارثي المكي، صاحب كتاب قوت القلوب؛ كان رجلا صالحا مجتهدا في العبادة، وله مصنفات في التوحيد، سكن مكة فنسب إليها، مات سنة ٣٨٦ هـ. ينظر: وفيات الأعيان: ابن خلكان (٤/ ٣٠٣). (٢) قوت القلوب: أبو طالب المكي (٢/ ٢١٦)، بتصرف. (٣) وهو: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، الحافظ العلامة، الفقيه، شيخ الإسلام، صنف التصانيف النافعة، وهو من كبار أصحاب الحاكم، ويزيد على الحاكم بأنواع من العلوم، مات سنة ٤٥٨ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (١٨/ ١٦٣). (٤) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد: البيهقي (ص: ١٨٠). (٥) التمهيد: ابن عبد البر (٦/ ٣٩١)، قال ابن رجب: "فحكاية ابن نصر -يعني البيهقي- وابن عبد البر عن الأكثرين التسوية بينهما غير جيد؛ بل قد قيل: إن السلف لم يرو عنهم غير التفريق، والله أعلم". ينظر: فتح الباري: ابن رجب (١/ ١٣٠).