للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سياق الكلام بيان حصول التكليم من الله لبشر، ولأنه لا ينبغي أن يعدل إلى المنقطع إلا بعد تعذر المتصل. والله أعلم" (١).

ابن عاشور: "إسناد فعل يكلمه إلى الله إسناد مجازي عقلي. وبهذا الاعتبار صار استثناء الكلام الموصوف بأنه وحي استثناء متصلا " (٢).

أصحاب القول الثاني:

أبو علي الفارسي: " ويجوز في قوله: ﴿إِلَّا وَحْيًا﴾ أمران: أحدهما: أن يكون استثناء منقطعا، والآخر أن يكون حالا" (٣).

ابن رشد: " روى عن مالك: أنه لا يُنَوَّى فيهما جميعا - يعني نوى أن يكلمه بإرسال رسول أم لم ينوي-، وتلا قول الله ﷿: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ الآية، وهو بعيد؛ لأن الصحيح في هذا الاستثناء إنما استثناء منفصل مقدر بـ (لكن) " (٤).

أبو البقاء: " ﴿إِلَّا وَحْيًا﴾: استثناء منقطع؛ لأن الوحي ليس بتكليم" (٥).

• دراسة المسألة:

من خلال ما تقدم ذكره من أقوال أهل العلم، واستقراء ما قيل في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من أن أن الاستثناء في قوله تعالى: ﴿إِلَّا وَحْيًا﴾ منفصل، وذلك من أوجه:

أولا: أن الاستثناء المتصل يجب أن يكون المستثنى منه من جنس الكلام، كما تقول حضر الطلاب إلا زيدا، أو قام القوم إلا زيداً، وأما في هذه الآية فالمستثنى منه ليس من


(١) أمالي ابن الحاجب (١/ ٢٢٩).
(٢) التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢٥/ ١٤١).
(٣) الحجة للقراء السبعة: أبو علي الفارسي (٦/ ١٣٤).
(٤) البيان والتحصيل: ابن رشد (٦/ ٩٦)، بتصرف.
(٥) التبيان في إعراب القرآن: أبو البقاء (٢/ ١١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>