ويُحتمل أن يكون هذا المراد من باب الإخبار بالغيب، وقد تحقق، والله أعلم (١).
تنبيهان:
الأول: ما تعقب به القاسمي ﵀ على من يورد ما يُروى عن بعض من السلف من أن المراد من نقصان الأرض: موت العلماء، أنه ليس تفسيرا للآية، وإنما هو تهويل لخطب موت العلماء. ليس كما قال، فإن ما روي عن بعض من السلف بهذا المراد صريح بأنهم يُفسرون نقصان الأرض بموت العلماء.
وقد روي عن عطاء بن أبي رباح في قول الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ قال: "ذهاب فقهائها وخيار أهلها".
قال أبو عمر بن عبد البر:"قول عطاء في تأويل الآية حسن جدا، تلقاه أهل العلم بالقبول"(٢).
فدل هذا على أن هذا قول صريح في تفسير الآية، وليس كما يقول القاسمي ﵀.
الثاني: ما أورده السيوطي ﵀ في تفسيره من حديث أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال في قوله: ﴿نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾: "ذهابُ العُلَماء"(٣). لم أقف على إسناده ليتبين إن كان صحيحًا أو ضعيفًا، وإلا لو صح لكان حجة قاطعة لأصحاب القول الثالث.
• النتيجة:
من خلال ما تقدم ذكره من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن الراجح من أقوالهم والأقرب إلى الصواب: هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، من أن المراد من نقصان الأرض: ظهور المسلمين على المشركين، لما تقدم إيراده من الأوجه التي تؤيد ذلك، وأن القائلين بأن المراد: موت العلماء: يذكرونه أنه تفسير للآية، لا كما يقول القاسمي ﵀، والله أعلم.
(١) انظر: البحر المديد: الفاسي (٣/ ٤٦٥)، التفسير الواضح: الحجازي (٢/ ٥٣٤). (٢) جامع بيان العلم: ابن عبد البر (١/ ٦٠٠)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٢/ ٩٦). (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن مردويه (٤/ ٦٦٥).