بالقارعة التي تصيبهم سرايا النبي ﷺ تفتح أطراف بلادهم، أو تحل أنت يا نبي الله قريبًا من دارهم (١).
الثالث: أن القول بأن المراد من نقصان الأرض: ظهور المسلمين على المشركين، أوفق بالمقام، لأنه عبَّر في الآية بالإتيان المؤذن بعظيم الاستيلاء من الفخامة كما في قوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [سورة الفرقان: ٢٣](٢).
فإن قيل: كيف يكون المراد: ما يفتحه الله من بلاد الكفار وهذه السورة مكية ولم يفتح الله على رسوله حينها شيء من بلاد الكفار؟ (٣).
فالجواب: من وجهين:
الوجه الأول: أنه قد قيل أن سورة الرعد مكية، وفيها آيات كثيرة مدنية، وأشبه آياتها بأن يكون مدنيا قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ (٤).
وقد قيل أن سورة الأنبياء المكية، استُثني منها قوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾، وعُدَّ من المدني (٥).
الوجه الثاني: يُحتمل أن تكون الآية خطاب لأهل مكة: أي: أفلا يري كفار مكة ومن سار سيرهم في تكذيبك يا نبي الله، والكفر بما جئت به ﴿أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ أي بإهلاك الذين كذبوا الرسل كما أهلكنا قوم صالح وقوم لوط، وهم يمرون بديارهم. وكما أهلكنا قوم هود، وجعلنا سبأ أحاديث ومزقناهم كل ممزق كل ذلك بسبب تكذيب الرسل، والكفر بما جاءوا به، وهذا هو معنى قوله: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى﴾ كقوم صالح وقوم لوط وغيرهم (٦). فيكون المراد من ظهور المسلمين على
(١) انظر: أضواء البيان: الشنقيطي (٤/ ٧٢٧). (٢) انظر: روح المعاني: الآلوسي (١٣/ ١٩١). (٣) ذكر هذا الاشكال: السخاوي في تفسير القرآن العظيم (١/ ٤٢٨)، وأبو حيان في البحر المحيط (١٣/ ١١٦). (٤) انظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (٥/ ٥٦١)، وانظر: التحرير والتنوير: ابن عاشور (١٣/ ٧٦). (٥) انظر: الزيادة والإحسان: ابن عقيلة المكي (١/ ٢٣٣). (٦) انظر: أضواء البيان: الشنقيطي (٤/ ٧٢٧).