الشافعية:"قوله ﷺ: «اليتيمة تستأمر في نفسها» أراد باليتيمة: التي لا أب لها، وسماها يتيمة بعد البلوغ استصحاباً لاسمها قبل البلوغ"(١).
أصحاب القول الثاني:
الحنابلة:"اليتيمة من لم تبلغ، ولا أب لها، ومن هذه حالها لا تزوج إلا بإذنها"(٢).
ابن تيمية:" وأما أن يكون المراد باليتيمة البالغة دون التي لم تبلغ: فهذا لا يسوغ حمل اللفظ عليه بحال. والله أعلم"(٣).
• دراسة المسألة:
مسألة اشتراط البلوغ في اليتيمة كي تُستأذن في النكاح، مما اختلف عليه أهل العلم قديمًا، كما تقدم، والذي يظهر أن الراجح هو ما عليه أصحاب القول الثاني، وذلك من وجهين:
الوجه الأول: دلالة السنة على اشتراط أخذ الإذن من اليتيمة وإن لم تبلغ، لما روي عن أبي هريرة ﵁، أن رسول الله ﷺ قال:"توفي عثمان بن مظعون، وترك ابنة له من خُوَيْلَةَ بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص، قال: وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبد الله: وهما خالاي، قال: فخطبت إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة - يعني إلى أمها - فأرغبها في المال فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبيا حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله ﷺ، فقال قدامة بن مظعون: يا رسول الله، ابنة أخي أوصى بها إلي، فزوجتها ابن عمتها عبد الله بن عمر ﵁، فلم أقصر بها في الصلاح، ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة، وإنما حطت إلى هوى أمها، قال: فقال رسول الله ﷺ: "هي يتيمة، ولا تنكح إلا بإذنها " قال: فَانْتُزِعَتْ والله مني بعد أن ملكتها، فزوجوها المغيرة"(٤).
(١) انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي: العمراني (٩/ ١٨٠، ١٨١)، وانظر: المجموع: النووي (١٦/ ١٦٩). (٢) انظر: العدة: المقدسي (ص: ٣٩٣)، وانظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٥/ ٨٣). (٣) مجموع الفتاوى: ابن تيمية (٣٢/ ٤٦)، وسيأتي إيراد كلام ابن تيمية بتمامه. (٤) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الوصايا، باب ما جاء متى ينقطع اليتم، برقم: (٢٨٧٣)، قال الألباني: حديث صحيح.