قال ابن الفرس: واستدل بالآية من أجاز لبس الحرير والخَزّ (١) للرجال (٢). وقد أخرج ابن أبي حاتم عن سنان بن سلمة (٣) أنه كان يلبس الخَزّ، فقال له الناس: مثلك يلبس هذا؟ فقال لهم: من ذا الذي يحرم زينة الله التي أخرج لعباده؟ (٤) ولكن أخرج عن طاوس أنه قرأ هذه الآية وقال: لم يأمرهم بالحرير ولا الديباج، ولكنه كانوا إذا طاف أحدهم وعليه ثيابه ضرب وانتزعت عنه (٥). كذا في (الإكليل)(٦).
قال القاسمي: أقول: عدم شمول الآية للحرير غني عن البيان، لأن ما خصه الدليل لا يتناوله العام. والأحاديث في تحريم الحرير لا تحصى كثرة، فاستنباط حله منها مردود على زاعمه (٧).
• أقوال أهل العلم في دلالة قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ على حكم لبس الحرير للرجال:
القول الأول: أن الآية دالة على جواز لبس الحرير للرجال.
(١) الخًزّ المعروف أولا: ثياب تنسج من صوف وإبريسم، وهي مباحة، وقد لبسها الصحابة والتابعون، فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجم وزي المترفين. وإن أريد بالخز النوع الآخر، وهو المعروف الآن فهو حرام؛ لأن جميعه معمول من الإبريسم، وعليه يحمل الحديث الآخر «قوم يستحلون الخز والحرير». ينظر: النهاية: ابن الأثير (٢/ ٢٨) وينظر: لسان العرب: ابن منظور (٥/ ٣٤٥). (٢) انظر: أحكام القرآن: ابن الفرس (٣/ ٥٠). (٣) وهو: سنان بن سلمة بن المحبّق الهذلي. لأبيه صحبة، قال ابن أبي حاتم في المراسيل: سئل أبو زرعة عن سنان بن سلمة له صحبة، فقال: لا، ولكن ولد في عهد النّبيّ ﷺ. ينظر: الإصابة: ابن حجر (٣/ ٢٠١). (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٤٦٧) برقم: (٨٣٩٤). (٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٤٦٧) برقم: (٨٣٩٣). (٦) انظر: الإكليل: السيوطي (ص: ١٢٨). (٧) محاسن التأويل: القاسمي (٧/ ٢٦٧٢).