للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الشوكاني: " فتول عنهم أي: أعرض عنهم، وكف عن جدالهم ودعائهم إلى الحق، فقد فعلت ما أمرك الله به وبلغت رسالته" (١).

• دراسة المسألة:

بعد التتبع والنظر في أقوال أهل العلم وما ذكره المفسرون في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن المراد من قوله تعالى: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾ أي: فأعرض عنهم يا محمد إذا لم يستجيبوا لك، أو أعرض عن مقابلتهم بالأسوأ، وذلك من وجهين:

الأول: أنه لم يرد عن أحد من السلف رضوان الله عليهم أنهم فسروا الأمر بالتولي في الآية: النهي عن المجادلة، وإنما الوارد عنهم أن الله تعالى أمر نبيه بالتولي والإعراض عنهم إذا بلغ ولم يستجيبوا له وأصروا على العناد، إذ ليس على الرسول إلا البلاغ، كذا روي بما معناه عن مجاهد، وابن زيد، وقتادة (٢)، وهم خير ممن جاء بعدهم ممن فسر الآية بالنهي عن المجادلة.

الثاني: أن القول بأن المراد من الآية: النهي عن المقابلة بالأسوأ، والصبر على الأذى: له نظائر من الآي: كقوله تعالى: ﴿وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ [سورة الأحزاب: ٤٨]، أي: وأعرض عن أذاهم لك، واصبر عليه، ولا يمنعك ذلك عن القيام بأمر الله في عباده، والنفوذ لما كلفك (٣).

وكقوله: ﴿وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [سورة المزمل: ١٠] يعني: الهجر الذي لا عتاب معه (٤).


(١) فتح القدير: الشوكاني (٥/ ١١٠)، وانظر: فتح البيان: القنوجي (١٣/ ٢١٠)، وانظر: التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢٧/ ٢٣).
(٢) أخرج أقوالهم ابن جرير الطبري في تفسيره (٢١/ ٥٥١، ٥٥٢).
(٣) انظر: جامع البيان: الطبري (١٩/ ١٢٦).
(٤) انظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٧/ ٤١١)، وانظر: محاسن التأويل: القاسمي (١٥/ ٥٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>