منسوخة بآية: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [سورة التغابن: ١٦]، متأولا حق تقاته بأن يأتي العبد بكل ما يجب لله ويستحقه. قال: فهذا يعجز العبد عن الوفاء، فتحصيله ممتنع. وهذا الزعم لم يصب المحز، فإن كلا من الآيتين سيق في معنى خاص به، فلا يتصور أن يكون في هذه الجملة طلب ما لا يستطاع من التقوى، بل المراد منها دوام الإنابة له تعالى وخشيته وعرفان جلاله وعظمته قلبا وقالبا، كما بينا. وهذا من المستطاع لكل منيب" (١).
ت - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [سورة النساء: ٨] قال: " ذكر هاهنا كثير من المفسرين آثارا عن بعض السلف بأن هذه الآية منسوخة بآية. الميراث. وهي من الضعف بمكان. ولقد أبعد القائل بالنسخ عن فهم سر الآية فيما ندبت إليه من هذه المكرمة الجليلة. وهي إسعاف من ذكر من المال الموروث، والنفس الأبية تنفر من أن تأخذ المال الجزل، وذو الرحم حاضر محروم، ولا يسعف ولا يساعد. فالآية بينة بنفسها، واضحة في معناها وضوح الشمس في الظهيرة، لا تنسخ أو تقوم الساعة" (٢).
[٥ - التعقب مع عدم ذكر تعليل التعقب، ومن ذلك]
أ - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [سورة البقرة: ٢١٧]، قال: " ﴿وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ عطف على سبيل الله أي: وصد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام. وزعم الفراء أنه معطوف على الهاء في ﴿بِهِ﴾ أي: كفر به وبالمسجد الحرام" (٣). فالقاسمي ﵀ تعقب على الفراء ولم يُعلل تعَقُبه.