قول بعض المفسرين هنا- ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ أي فأعرض عن مجادلتهم، بعد ما كررت عليهم الدعوة- بعيد عن المعنى بمراحل، لأن مجادلتهم مما كان مأمورا بها على المدى، لأنها العامل الأكبر لإظهار الحق، كما قال تعالى: ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [سورة الفرقان: ٥٢].
وكذا قول البعض في قوله تعالى: ﴿فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾ أي في إعراضك بعد ما بلغت فإنه مناف للأمر بالذكرى بعد. فالصواب ما ذكرناه في تفسير الآية، لأنه المحاكي لنظائرها. وأقعد التفاسير ما كان بالأشباه والنظائر- كما قيل-: وخير ما فسرته بالوارد (١).
• أقوال أهل العلم في المراد من قوله تعالى: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾:
القول الأول: فأعرض عنهم يا محمد إذا لم يستجيبوا لك، أو أعرض عن مقابلتهم بالأسوأ.
القول الثاني: أن المراد: أعرض عن مجادلتهم.
أصحاب القول الأول:
الماتريدي:" ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾، فأعرض ولا تكافئهم بإساءتهم إليك بقولهم: إنه ساحر، وإنه مجنون؛ فإن اللَّه تعالى سيكفيهم عنك"(٢).