للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في أن وقت الاحتضار هو الوقت الذي لا تقبل فيه التوبة فبقي ما وراءه في حيز القبول" (١).

أصحاب القول الثاني:

الطبري: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: تأويله ثم يتوبون قبل مماتهم في الحال التي يفهمون فيها أمر الله ونهيه، وقبل أن يغلبوا على أنفسهم وعقولهم، وقبل حال اشتغالهم بكرب الحشرجة وغم الغرغرة، فلا يعرفوا أمر الله ونهيه، ولا يعقلوا التوبة" (٢).

ابن كثير: "يقول تعالى: إنما يتقبل الله التوبة ممن عمل السوء بجهالة، ثم يتوب ولو قبل معاينة الملك لقبض روحه قبل الغرغرة" (٣).

البقاعي: " ﴿أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ﴾ أي بأن وصل إلى حد الغرغرة، وهي حالة المعاينة" (٤).

• دراسة المسألة:

ذكر القاسمي في تفسير هذه الآية أن المراد من قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾ أي: من زمان قريب. وظاهر الآية اشتراط وقوع التوبة عقب المعصية بلا تراخ. وإنها بذلك تنال درجة قبولها المحتم تفضلا. إذ بتأخيرها وتسويفها يدخل في زمرة المصرين. فيكون في الآية إرشاد إلى المبادرة بالتوبة عقب الذنب. والإنابة إلى المولى بعده فورا. ووجوب التوبة على الفور مما لا يستراب فيه. إذ معرفة كون المعاصي مهلكات من نفس الإيمان. وهو واجب على الفور (٥).

ولعل الأقرب إلى الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، وهو أن المراد من قوله تعالى: ﴿مِنْ قَرِيبٍ﴾ وقت الاحتضار والغرغرة، وذلك من أوجه:


(١) إرشاد العقل السليم: أبو السعود (٢/ ١٥٦).
(٢) جامع البيان: الطبري (٦/ ٥١٥).
(٣) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٣/ ٣٧).
(٤) نظم الدرر: البقاعي (٥/ ٢٢١، ٢٢٢).
(٥) محاسن التأويل: القاسمي (٥/ ١١٥٤، ١١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>