للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ظاهر كلام النخجواني: " ﴿لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ من أمر الدين والايمان والإطاعة والانقياد ﴿حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ وجميع ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ وتمتثلوا بأحكامها وتتصفوا بما فيها من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم المرضية عند الله وتحققوا بحقائقها ومعارفها المودعة فيها" (١).

• دراسة المسألة:

من خلال عرض ما تقدم من أقوال أهل العلم في الآية، يتبين أن الصواب هو ما عليه أصحاب القول الأول، وهو الذي عليه أكثر المفسرين، من أن أهل الكتاب إذا أقاموا التوراة والإنجيل دون الإيمان برسالة محمد ، أنهم ليسوا على شي، وذلك من أوجه:

الأول: أن القول بأن أهل الكتاب على شيء من الدين إن أقاموا التوراة والانجيل وما فيهما من تعاليم، مما يُخالف اللازم من إقامتهما وهو: الإيمان بمحمد ، فإن كُلاً منهما كان يأمر باتباع محمد ، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [سورة الصف: ٦].

الثاني: أن الله تعالى قرن في الآية مع إقامة التوراة والانجيل الايمان بكتابه المنزل وهو: القرآن كما قال: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (٢)، فليسوا على شيء حتى يُقيموا التوراة والإنجيل والقرآن.

الثالث: أن القول بأن إقامتهم للتوراة والانجيل دون الايمان بمحمد فيه شيء من الدين، ليس من مقاصد القرآن في التشنيع على أهل الكتاب ومجادلتهم ووصفهم بالكفر والخلود في النار، ودعوتهم إلى دين الإسلام، وكأن ظاهر هذا القول يُهَوِّن من كُفر أهل الكتاب إن هم تمسكوا بالتوراة والانجيل، والله أعلم.


(١) الفواتح الإلهية: النخجواني (١/ ١٩٩).
(٢) ذهب جمع من أهل العلم من أن المراد بقوله: ﴿ما أنزل إليكم من ربكم﴾ القرآن. ينظر: معاني القرآن: الزجاج (٢/ ٣١٦)، وينظر: تفسير القرآن العظيم: ابن أبي حاتم (٤/ ١١٧٥)، وينظر: تفسير القرآن: السمعاني (٢/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>